
بعيدا عن الحسابات والتحسبات والرؤى المستقبلية والنظرات الاستشرافية تسلم عديد المشاريع السكنية معطوبة مليئة بالأخطاء، تبعث في نفس المستفيد منها سواء تلك التي تحاكي الطبقة الهشة أو المدفوعة الأقساط والمستحقات؛ الإحساس بالإحباط والفشل كمن يستلم طفلا مريضا عليلا يحتاج إلى عناية خاصة وإلى معالجة ومتابعة صحية مكثفة.
ورغم الزيارات المكثفة التي يشنها مختلف المسؤولين لورشات المشاريع السكنية والتعليمات الصارمة والانتقادات المقدمة، ناهيك عن وقفات المختصين المتخصصين والمهندسين المخصصين ؛ غالبا ما تنتهي بداية هذه السكنات عند تسليمها أو ربما تبدأ نهايتها في هذا التوقيت لينتهي معها الحلم الذي بدأ للتو ويتحول إلى كابوس يؤرق حياة المواطن الذي ظلت حياته كلها معلقة عليها، لما فيها من علل وأخطاء تشعر صاحبها بأنها سكنات منتهية الصلاحية منذ بدايتها.
إذ يُقدر العمر الافتراضي للبنايات بالاحتكام إلى عدة معايير أهمها جودة البناء؛ وهو ما تفتقده الكثير من المشاريع بقناعة الجميع، إذ لم يعد طالب السكن يثق في جودة البناء مهما كان نوع السكن الجماعي والاجتماعي، وهذا طبعا راجع إلى المعيار الثاني ألا وهو نوع المواد المستخدمة والتي غالبا ما تكون ذات نوعية رديئة لما لهذه الأخيرة من تأثير إيجابي على تكاليف الإنجاز فكلما كانت الجودة أقل كانت الفائدة أكبر بالنسبة للمقاولة المكلفة بهذه العملية.
كما تلعب كذلك الظروف المناخية المحيطة ونوعية التربة والأرضية دورا هاما في تحديد العمر الافتراضي للبنايات وهو ما لا يؤخذ في الحسبان في غالب الأحيان، بالإضافة إلى مستوى الصيانة الدورية المتوسط كمعيار لا يقاس عليه في مشاريعنا التي تنتهي الصيانة بها يوم تسليمها وربما قبلها بكثير، ليحدد العمر الافتراضي للمباني الخرسانية المسلحة بين 50 و 100 عام أو أكثر في الظروف المثالية مع الصيانة الجيدة، وقس على ذلك في الظروف المزرية مع “البريكولاج” المتواصل عندنا.
نوارة بوبير