ملفات

العـــــــــــــــالم يقف على “هشـــــــــــاشة” هيئــــــــاته الأممية !

إبادة الأطفال في غزة.. الثابت المستمر طيلة العام المنقضي 2024..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المقاومة وحيدة في مواجهة العدو، والصديق، و”الشقيق”!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 تأبى بشاعة مشاهد الإبادة والتطهير العرقي التي تتعرض لها غزة في فلسطين للعام الثاني تواليا أن تفسح أي مجال لالتقاط أحداث أخرى وتوثيقها خلال العام المنقضي 2024 مهما علت أهميتها، حيث تحتكر مصطلحات من قبيل: غزة ـ المقاومة ـ الإبادة العرقية ـ المجازر الوحشية شريط أخبار العام، دون أن تترك مكانا لبروز أحداث دولية أخرى بما فيها دلالات نشوب حرب عالمية ثالثة “وشيكة”، أو عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض ثانية، أو التحول الدراماتيكي في ملف سوريا، وغيرها من المحطات البارزة المغيبة “قسرا” أمام فظاعة المشهد الفلسطيني الذي لم يعد يفضح الهيئات العالمية فحسب بقدر ما يصبغها بـ “العار” الذي لحق الإنسانية في عصر أفاضت فيه “رحمات” التحضر والتطور هامشا من الحقوق والحماية على “الربوبوتات” شبيه بذلك الممنوح للحيوان، وأهمل فقط حقوق الإنسان حتى في أدنى حدودها الفطرية..

إعــــــــداد: عبد الرحمان شايبي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تتصدر صورة الأمين العام للأمم المتحدة البرتغالي انطونيو غوتيريش “ألبوم” السنة المغادرة 2024 بلا منازع، وهو يدلي بتصريح أقرب إلى “التوسلات” من منطقة العريش الحدودية بين مصر ورفح الفلسطينية بغية السماح بمرور قافلة مساعدات غذائية وطبية إلى سكان قطاع غزة المحاصرين.

وظهور أمين عام أكبر هيئة أممية في العالم في صورة رئيس جمعية خيرية يستجدي الإعانات والمساعدات تكشف مدى الهشاشة التي بلغتها المنظمة التي يُفترض أنها الضامن الأول والأخير للأمن والسلم فوق الأرض.

وهي أيضا صورة تبرر النداءات الدولية المتصاعدة بخصوص إصلاح الأمم المتحدة بعدما أخذت موقف المتفرج من الأحداث الجارية في كم بقعة جغرافية دون أن يكترث أطراف الصراع والنزاع في تلك المناطق الملتهبة لمناشداتها ولا للتلويح بتصعيد لهجتها وقراراتها.

ولا يتوقف الأمر عند سقف الأمم المتحدة بعدما تعدى القفز على الشرعية الدولية إلى مجلس الأمن الذي كان اجتماعه في السابق يحمل أنظمة وجيوش على ملازمة بيت الحمّام، مخافة إلزامها بأي قرار، وقد بات المجلس اليوم مجرد هيئة تحكم ولا تُنفذ، وتقرر، ولا تُلزم، مثلها مثل مجلس حقوق الإنسان الأممي، والجنائية الدولية التي تكون قد فشلت لأول مرة في اقتياد الجناة إلى قضبانها رغم توافر كامل عناصر الجريمة المستمرة وأدواتها. وأي جريمة؟

 

.. على الأرض

لا تزال قاعات تحرير كبرى المحطات الإخبارية في العالم ترتبط بمستجدات الملف الفلسطيني سياسيا، وأمنيا، وإنسانيا، لاسيما في القطاع الذي سُوّي شماله بالأرض ويشهد في الساعات الأخيرة من هذا العام اعتداءا صهيونيا جديدا أتى على حرق مستشفى كمال عدوان عن آخره، مع إجبار المرضى ومرافقيهم ومعهم الطاقم الطبي على المغادرة تحت الإكراه نحو المستشفى الإندونيسي الذي لم يسلم بدوره من مرور آلة الدمار الإسرائيلية على مرافقه الطبية قبل أيام فقط.

يجري كل هذا أمام صمت عالمي أشبه بـ “العار”، وهو الصمت الذي وجدت فيه الحكومة الصهيونية المتطرفة ما يغريها للتمادي أكثر في ارتكاب المزيد من المجازر والتدمير، وصلت فيه فاتورة السداد بين سكان القطاع إلى أزيد من 45 ألف شهيد، وأكثر من 108 آلاف مصاب منذ الثامن أكتوبر 2023، ناهيك عن عشرات الآلاف من المفقودين والمدفونين تحت الركام، ومع ذلك تستمر قوى العالم في صمتها وكأن الفلسطينيين شر لا بد من استئصاله!

غير أن صور الدمار والخراب لم تدفن معها المقاومة وجودا ولا روحا، حيث لا تزال الأخيرة على قلّة إمكانياتها تقدم دروسا في الشجاعة والبسالة بقدر ما تردي أعداءها على الأرض بين قتيل وجريح، تنخز ضمير العالم عساه يستيقظ ويتحرك ولو في الوقت الضائع من أجل وقف أبشع ما سجله التاريخ البشري من همجية وبربرية على يد هولوكوست اليوم.

وتدرك المقاومة أبعاد المعركة التي تخوضها باقتدار واحترافية عالية تفتقدها حتى الجيوش النظامية، بمن فيهم جيش “الأخلاق الفاضلة” وفق ما يدعيه قادة العدو الصهيوني في وصف قواتهم، ويعود لهذا الإدراك وسط فصائل المقاومة السر في مواصلة الكفاح والقدرة على المجابهة والقنص من المسافة الصفر إيمانا بأن تغيير قواعد الاشتباك تفرضه الساحات وما يجري في ميادين الشرف رغم قلة العتاد وخوض حرب تحت سماء ملغمة بالمسيرات وأحدث تكنولوجيات الرقابة، ومع ذلك لا تزال المقاومة تفرض منطقها في المواجهة مثلما فرضته في جانب الصورة منذ تفجر “طوفان الأقصى” في السابع أكتوبر 2023.

ولم يغب طوال السنة عن قطاع غزة صور الخراب والدمار والقصف العلني الذي لم تعد تتحرج منه إسرائيل أمام العالم وهي تسوي العمران بالإنسان بوجه الأرض، مثلما لم يغب عن المشهد أيضا وميض “المثلث الأحمر” الذي تستهل به المقاومة أخبارها في قنص وتحويل الدبابات بمن فيها إلى شظايا وأشلاء متطايرة تقدم الدليل الأكثر مصداقية حول ما يجري على الأرض ومدى تمسك الفصائل بنهج المقاومة كخيار وحيد قبل الحديث عن أي هدنة أو تفاوض في الأفق.

وينهي الجيش الأقوى في المنطقة سنة 2024 على وقع الدوران في حلقة مفرغة بسبب فشله في تحقيق أي من أهداف حرب “اليوم التالي” في القضاء على حركة حماس، وتحرير الأسرى الذين استمر الاحتلال في قتلهم على الأرض، بجانب الفشل في إعادة الأمن إلى محيط مستوطنات غلاف غزة.

ومع أن الكيان الصهيوني سجل نقاطا هامة في أهم سجل إجرامي يبرع فيه، “التصفيات” الجسدية التي طال فيها الاغتيال صفوف متقدمة في كوادر المقاومة، بدءا بعملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ورئيس الوزراء الأسبق إسماعيل هنية بتاريخ 31 جويلية في العاصمة طهران على هامش حفل تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بازشسكيان، وصولا إلى استشهاد رئيس الحركة الذي خلفه ومهندس “طوفان الأقصى” يحي السنوار في معركة داخل رفح جنوب القطاع بتاريخ 17 أكتوبر، وقبلها نجح الاحتلال في اغتيال القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف في غارة على خان يونس بداية شهر أوت، وصولا إلى اغتيال أكثر الداعمين الميدانيين للمقاومة الفلسطينية الزعيم الروحي لحزب الله اللبناني حسن نصرالله في غارة اهتزت لها الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت يوم 27 سبتمبر.

ورغم شدة الضربات التي طالت هرم المقاومة، فإن الأخيرة ازدادت اشتعالا بعودة العمليات إلى مخيم جباليا في الشمال الذي ادعى الاحتلال تطهيره النهائي من الفصائل، بالموازاة مع عودة رشقات الصواريخ وهي تهز مستوطنات الغلاف، وتجاوزته إلى منطقة إسرائيل الكبرى، أين أجبرت قطعان المستوطنين على الاحتماء بملاجئ تحت الأرض، لم يشذ عن طلب خدماتها رئيس الوزراء وحكومته أيضا.

 

.. في الأفق

 

لم تمنع آلة القتل والتجويع والتهجير الإسرائيلية التفاف شعوب المعمورة حول القضية الفلسطينية التي تحولت إلى إيقونة نضال وسط شباب الجامعات حول العالم، ووسط الرأي العالمي المنتفض ضد سياسات الصمت التي التزمت بها القوى الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية أول المتفرجين، إلى درجة الانزلاق نحو “التورط” في ما يجري داخل فلسطين.

ونجحت الجزائر في “مأموريتين” استثنائيتين تجاه القضية الفلسطينية خلال العام المنصرم، أولها في تحريك الدعوة القضائية في لاهاي، والتي انطلقت شرارتها الأولى مرة من نداء وجهه رئيس الجمهورية السيد عبدالمجيد تبون خلال إشرافه على افتتاح السنة القضائية العام الفائت، تبعه لقاء مجموعة من المحامين والحقوقيين الدوليين بالجزائر العاصمة، ومن ثمة وضع اللبنة الأساسية في تحريك الدعوة القضائية من طرف جمهورية جنوب إفريقيا داخل أروقة المحكمة الدولية، تكللت بعد شهور من المرافعات والرد عليها بـ “إدانة” قادة الاحتلال بالجرم المشهود، واستصدار مذكرة اعتقال رسمية في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، ووزير دفاعه المقال يوآف غالانت بوصفهما “مجرمي حرب”، وهي سابقة “تاريخية” حشرت فيها المحكمة ضحية هولوكوست النازية بالأمس في صورة الجلاد والمجرم اليوم.

وتعدى نجاح الجزائر في المناسبة الثانية في جمع المزيد من التأييد الدولي داخل هيئة الأمم المتحدة لصالح العضوية الفلسطينية الكاملة، بلغ فيها سقف المؤيدين 143 دولة في انتظار انضمام آخرين، في الوقت الذي رفعت فيه دول من داخل الاتحاد الأوروبي السقف عاليا، عبر الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين وفتح سفارات مكتملة التمثيل الدبلوماسي في كل من العاصمتين أوسلو ومدريد.

وتقف القضية الفلسطينية اليوم أمام حتمية المصير في اعتماد حل الدولتين رغم ما يثار من مناورات تهدف إلى القفز على وثيقة الأرض مقابل السلام، وكذلك رغم ما يخطط له في الخفاء والعلن من أجل إطلاق موجة تطبيع عربية ثانية، من شأنها أن تضر بصورة المقاومة وهي تجابه منفردة، ونيابة عن الأمة العدو، والصديق كذلك، في الوقت الذي أعطت فيه إشارات التحول الدراماتيكي التي تشهدها الضفة، وفي مخيم جنين تحديدا صورة “صادمة” حول مستقبل القضية الواحدة بعدما اصطدمت المقاومة باعتراضات الشقيق الفلسطيني في السلطة، وهو خلط سعت إليه إسرائيل منذ فجر الانتفاضات الأولى للشعب الفلسطيني، الأمر الذي يرشح بقاء العنوان الفلسطيني على رأس أخبار السنة الجديدة كذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.