مجتمع

العـائلات الجزائرية تجهًز أبنائها لاجتيـاز امتحـاني “البيـام” و”البـاك”

بين الدروس الخصوصية وجلسـات الرقية

مع اقتراب امتحاني شهادة التعليم المتوسط والبكالوريا، تعيش آلاف الأسر الجزائرية، حالة طوارئ غير معلنة، إذ يتحول البيت إلى قاعة مراجعة، وتتغيّر العادات اليومية لمترشحي الشهادتين ويزداد الضغط النفسي على التلاميذ والأولياء على حد سواء، حيث يفصلنا شهران عن موعد اجتياز شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا، ولا بد من توفير الجو الملائم لكي يستطيع التلاميذ المعنيون من الاستمرار فس المراجعة واختبار مدى جاهزيتهم لاجتياز هاتين الشهادتين المصيريتين.

وفي حديث جمعنا بإحدى الأمهات، صرحت قائلة “لا أستطيع النوم جيدا منذ عودة ابني إلى مقاعد الدراسة بعد عطلة الربيع، فأنا أفكر طوال الوقت هل راجع  ابني  كفاية؟ هل هو بحاجة إلى المزيد من الدروس الخصوصية؟”وتضيف السيدة وهي أم لتلميذ يترشح لشهادة التعليم المتوسط: “نحن نعيش هذا الامتحان معه، ربما أكثر منه” فهو إبننا البكر واعتدنا على تميّزه بين أقرانه وحصوله على المراتب الأولى منذ ولوجه المدرسة ولن نقبل بحصوله على أقل من تقدير امتياز في امتحان البيام”.

ويمكن أن يتحول هذا القلق في المستقبل، يتحول في كثير من الأحيان إلى ضغط كبير على التلميذ، ما يؤثر سلبا على أدائه، نتيجة الضغط الممارس عليه من طرف الأسرة والوالدين تحديدا، ليتحصل بعد ذلك على علامات متدنية قد لا تعكس مستواه العلمي الحقيقي.

من جهته، يقول أيمن، مترشح للبكالوريا شعبة علوم تجريبية”أراجع 8 ساعات يوميا، ولا أخرج من المنزل إلا نادرا، فأنا أشعر أنني في سباق مع الوقت وأعتقد أن علي رفع عدد ساعات المراجعة لضمان استفادة أكبر ” أما سلمى، مترشحة بكالوريا لغات أجنبية ، فتقول: “الضغط يأتي أحيانًا من نظرات العائلة ومالهم المعلقة علينا أكثر من صعوبة الدروس نفسها، لحسن الحظ أنني متمكنة من اللغات الأجنبية وأدرسها بشغف وحب، كما أن طموحي في أن أصبح باحثة دكتوراه في اللغات والترجمة يدفعني إلى تحمل الضغوطات التي أعانيها في سبيل الوصول إلى هذا الطموح وتحقيقه على أرض الواقع”.

وفي ذات السياق، وعلى الرغم من تحذيرات الوصاية، لا تزال ظاهرة الدروس الخصوصية منتشرة بشكل كبير خلال هذه الفترة، فبينما يراها البعض وسيلة لدعم التلميذ وتعزيز قدراته وتوسيع مداركه العلمية، يرى آخرون أنها مبالغ فيها، خاصة حين تصبح تجارة أكثر منها مهمة تربوية، لا سيما حين يتعلق الأمر بمواد لا تستدعي أن يخضع فيها التلميذ للدروس الخصوصية، بينما علقت أستاذة في اللغة فرنسية: “أحيانا، لا يحتاج التلميذ لمزيد من الدروس، بل يكون في أمسّ الحاجة إلى من يجعله يفهم كيف يراجع بطريقة فعّالة تمكنه من الحصول على نقطة ممتازة”.

وتتغير الحياة اليومية في كثير من البيوت، وتصبح أشبه بمعسكر تدريبي مغلق، يتضمن قوانين صارمة من بينها إلغاء الخروج و الزيارات العائلية، إلى جانب حرص الوالدين على خفض الضجيج داخل المنزل. وفي بعض العائلات، يُحرم الإخوة الصغار من مشاهدة التلفاز أو اللعب كي لا يُشتتوا ذهن المترشح لشهادة التعليم المتوسط أو الباكالوريا.

ويؤكد المختصون في علم النفس التربوي، أن هذا الجو المشحون قد يأتي بنتائج عكسية، حيث يجب علينا أن نمنح التلميذ قسطا من الراحة، وأن نقوم بالموازنة بين الاجتهاد والترفيه، وتقديم الدعم العاطفي للتلميذ بدلا  من التوبيخ والضغط والسخرية منه ومقارنته مع أقرانه”.

وأكد لنا عدد من أولياء التلاميذ، حرصهم على تشجيع أبنائهم وشحذ هممهم والتعبير عن تقبلهم لهم مهما كانت النتائج المحصل عليها، حيث أن كثيرا من التلاميذ يربطون قيمتهم الذاتية بنجاحهم في هذه الامتحانات، وهو ما قد يتسبب في حدوث صدمات نفسية في حال الفشل أو الحصول على معدل أدنى من المتوقع، وقد تؤدي هذه الصدمات النفسية إلى إقدام التلميذ على وضع حد لحياته، حيث شهدنا العديد من حالات الانتحار لتلاميذ أخفقوا في الحصول على شهادتي التعليم المتوسط أو الباكالوريا بل حتي شهادة التعليم الابتدائي، وهي ظاهرة عرفت تناميا ملحوظا في الجزائر خلال السنوات الأخيرة.

من ناحية أخرى يحرص أولياء التلاميذ المقبلين على اجتياز امتحاني البيام والبكالوريا على الاعتناء بأبنائهم من حيث نوعية الغداء، من خلال اقتناء الأغذية المساعدة على تقوية الذاكرة والحفاظ على التركيز مثل العسل والمكسرات بالإضافة إلى الإقبال الكبير على المكملات الغذائية المعززة للذاكرة، إلى جانب الخلطات “السحرية” التي يروج لها عبر منصات التواصل الاجتماعي، فيما يحرص أولياء آخرون على عرض أبنائهم بانتظام على الرقاة أو تنظيم جلسات رقية منتظمة في بيوتهم واحضار أمهر الرقاة -حسبهم- للحيلولة دون فشلهم في النجاح.

ش.س

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.