
الحديث عن استعادة الأمن وسط مجتمع مخترق من طرف المجرمين ومتعاطي المخدرات والمهلوسات والخمور الذين باتوا يهددون المواطنين في عقر دارهم ويتربصون بهم في الشوارع والطرقات يحتاج إلى يقظة وحزم كبيرين من طرف المصالح الأمنية المختصة وبالتعاون مع المواطنين الذين يجب عليهم مواجهة مثل هؤلاء المنحرفين ومحاصرتهم حتى لا يجدوا لهم من مفر سوى العودة إلى الأخلاق والالتزام بالدين وبالقوانين واحترام الآخرين..
وفي وقت يستغرب البعض انتشار الجرائم بأنواعها من سرقة واعتداء بالضرب والقتل والاغتصاب والتحرش في مجتمعنا ويتساءل عن الأسباب التي تقف وراء كل جريمة فإنه ورغم الدوافع المختلفة لكل حادثة عن حدى إلا أنه هناك عامل تشترك فيه كل الحوادث المسجلة والمخالفات وهو غياب العدالة الاجتماعية، فكل مجتمع يحاول أن يبني أساساته دون التركيز عليها يحمل أسباب انهياره عاجلا أو آجلا..
هناك من ينادي بقطع يد السارق وجلد الزاني وإقامة الحدود كلما انتشر خبر جريمة يهتز لها المجتمع فيحتكم إلى ما يعتبر غياب تطبيقه سبب في فساد المجتمع وسقوطه في هاوية الجريمة، وقد غاب عن هؤلاء أن الدين الإسلامي لم يأمر بتطبيق حدود الله قبل تحقيق العدالة حيث لن يكون هناك محتاج أو جائع أو ذي حاجة لتقام عليهم الحجة وقد اتفق جمهور العلماء على ذلك..
وأمر تطبيق الحدود أكبر من أن يُختزل في بضع كلمات لا تفيه حقه ولكنه تنبيه للغافلين عن أمر أولوية العدالة التي هي أمر رباني في آيات صريحة وقد تكرر العدل كثيرا للتأكيد على أهميته ووجوبه في سور مختلفة وآيات من القرآن الكريم “إن الله يأمركم بالعدل والإحسان..”..
ولو أخضعنا كل منحرف أو مجرم أو حتى مخالف بسيط للتدقيق في مستوى عيشه والمحطات المزرية التي عاناها منذ نعومة أظفاره فسنجد ما يفسر سلوكياته المخالفة للعادات والتقاليد والأعراف والقوانين والدين وإن كنا لا نعطي مبررات لأي سلوك إجرامي لكننا نركز على تأثير الظروف البيئية المحيطة به والأسرية والتي عادة ما تكون مزرية كفاية لتخرج لنا هؤلاء الذين يوصفون بالخارجين عن القانون، هذا الأخير الذي لا يعمل على إنصافهم بقدر ما يركز على العقاب دون الإصلاح ولو تخطت الدولة الجزائرية مبدأ العقاب في بعض القضايا البسيطة وعملت على إدماج الشباب واحتوائهم لصنعت منظومة عدلية تؤسس لمجتمع نظيف وآمن..
ولابد من وجود شواذ لكل قاعدة في إشارة لمجرمين بالفطرة لم يكن لظروفهم دخل في صنع شخصيتهم بل يُحسب ضدهم أنهم من فئة مجتمعية نالت من العيش الكريم ما يُفترض بها الصلاح وهؤلاء لا حجة لديهم بل عليهم كل الحجج، و غياب العدالة الاجتماعية غياب لأهم ما يوجب تطبيق القوانين والزج بزينة شباب المجتمع في السجون والدفع بهم إلى خيار الهروب من واقع أمعن في ظلمهم بدل تمكينهم من الاستقرار والعيش في وطنهم بسلام.
سماح خميلي