العمود

الصمت لم يعد حكمة؟!

لكل مقام مقال

قبل اختراع الأنترنت واكتساح مواقع التواصل الاجتماعي لكل مكان في هذا العالم الكبير الذي تحول فعليا إلى مجرد زاوية محصورة على مستوى اليد والنظر، كانت هناك أساليب غير مباشرة للتعبير عن الرأي والفكرة والموقف، وبعيدا عن الإعلام بأنواعه واختلافاته كان للجدران تاريخ “عريق” شهدت عديد المطالب والتطلعات والأحلام والرسائل الموجهة للسلطات والمسؤولين وعامة الناس وقد زخرت بشتى أنواع العواطف التي لم يخجل أصحابها من مشاركة الناس إياها دون أي حرج، لكونها مجهولة المصدر والهوية وإن أدت في بعض الأحيان إلى تسليط عقوبات على كل من تسول له نفسه التجرؤ على شخص أو مسؤول أو الجهر بموقف سياسي معادي وما شابه مما يجرمه القانون ولو على سبيل تشويه المنظر العام للأحياء والمدن..

وما هو مُلاحظ بقوة هو هذا الغياب الذي تزامن مع ظهور الأنترنت وسيادة مواقع التواصل ومنصاته والتي اعتبرت بديلا للجدران الواقعية في جداريات افتراضية إلا أنها تعكس ما نعايشه وتسهل من جهة أخرى طرائق التعبير والكلام ورفع مستويات التواصل وترقيتها وقد أصبح من السهل طرح المشاكل والمطالبة بالحقوق وفضح الفاسدين في قطاعات ومجالات مختلفة ورصد العراقيل والمعرقلين لشتى أنواع الخدمات المتاحة لصالح المواطن زيادة عن وجود بوابات ومنافذ يتم طرحها للتبليغ عن كل ما يشغل المواطنين من قضايا ومشاكل وتجاوزات دون المساس بحرية الآخرين ومسافة الاحترام المفروضة في أثناء المطالبة بحق أو توضيح موقف أو طرح انشغال وغير ذلك مما هو مسموح في حدود الحريات التي تقف عند حرية الآخرين ومسؤولياتهم..

وبوجود مواقع التواصل الاجتماعي ومن مميزاتها أنها قد تكون سببا في تغيير حياة شخص أو إحداث انقلاب اجتماعي بشأن مبدأ أو مبادرة أو حملة للصالح العام أو لصالح فئة بعينها أو شخص وأنه لم يعد من الحكمة الصمت بقدر ما استوجب الكلام وإيصال ما خفي عن المسؤولين والمنظمات والأشخاص سواء للوصول إلى حلول أو فضح تجاوزات في وقت ليس من اليسير الوصول إلى المسؤول بشكل مباشر رغم التعليمات الصارمة بضرورة فتح الأبواب لاستقبال المواطنين والتكفل بانشغالاتهم وتيسيرها قدر الإمكان، وهي من جهة أخرى وفّرت الكثير من الوقت والجهد وفتحت آفاقا لحريات التعبير وكشف عظيم ما خفي قبل هذا الانتشار الذي يمكن استغلاله ليُحدث فوارق بدلا من توجيهه توجيها سلبيا لا طائل من وجوده أو فائدة.

سماح خميلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.