
إلى وقت قريب، كانت الشهرة تُنال بالفن، أو بالكتابة والتأليف أو بالصحافة والإعلام والسياسة وبالرياضة أيضا، وكان مشهورا من يسوق له من طرف وسائل الإعلام، سواء تعلق الأمر بالتلفزيون أو بالجرائد والمجلات أو بالراديو، لكن، ومع الثورة التكنولوجية والرقمية، ظهرت وسائط جديدة أتاحت الشهرة لكل شخص، وبالتالي، فقد بات ممكنا لأي شخص في هذا العالم أن يروج لنفسه بنفسه وبطريقته الخاصة وبوسيلته الخاصة، لكن، النظرية التي باتت تستخدم بقوة من طرف المشاهير الجدد، أو مشاهير “السوشل ميديا” هي النظرية الميكافيلية “الغاية تبرر الوسيلة”، وبالتالي فعندما أصبحت الشهرة “غاية” سقطت كل القيم والمبادئ والأخلاق في الماء.
ما نلاحظه في مجتمعنا للأسف، هو أن الشهرة قد باتت مغرية لدرجة أن تسببت في “تفكك أسر”، وانهيار قيم، وتفسخ أخلاق فتمثلت لنا بذلك عبارة “عيش تشوف” في واقع مخزٍ.
ما نراه من مظاهر، وظواهر سلبية في مجتمعنا اليوم قد جعلنا نتأكد بأن بين الشهرة والسترة شعرة، هي شعرة الحياء والحشمة، وهنا يحضرنا حديث نبينا صلى الله عليه وسلم “إن لم تستحي فاصنع ما شئت”، أي أن ما يحول بين المرء وأي شيء هو الحياء، وبالتالي فإن سقط الحياء يصبح المرء قادرا على فعل أي شيء حتى لو كان منافيا للأخلاق والقيم والمبادئ.
الشهرة اليوم قد باتت بوابة “إلى عالم المال والأعمال”، فليس كل صاحب مال “مشهورا”، لكن، أغلب المشاهير قد أصبحوا أصحاب مال، لهذا، فإن الحاجة للمال قد باتت تدفع الكثيرين إلى اتخاذ قرار “الشهرة”، وقبل اتخاذ هذا القرار هناك قرار آخر يجب اتخاذه وهو “نزع ثوب الحياء”، فكلما انسلخ “المرء” من الأخلاق والقيم والمبادئ والأعراف في مجتمعه كلما ارتفعت حظوظه في أن يكون “مشهورا جديدا” وما تفسير “انتشار المشاهير كالفطريات عبر السوشل ميديا” سوى أن التكنولوجيا قد أتاحت سهولة في “نزع ثوب الحياء”، وهنا المشكلة، حيث إن عدوى “الشهرة” قد باتت تصيب الصغار قبل الكبار وهذا ما يعني أن الخطر القادم الذي يترصد مجتمعنا هو أن يعاني أزمة “أخلاق” في ظل السهولة التي تتيحها التكنولوجيات الحديثة لاعتناق الأفكار “الهدامة” طمعا في المغريات كالمال والشهرة.
حمزه لعريبي