
لم تكن الشهادة الابتدائية يوما عقبة في وجه التلاميذ الذين تدرجوا من السنة الأولى إلى آخر سنة في هذه المرحلة الحرجة، التي تعتبر حجر الأساس لكل المراحل اللاحقة من التعليم بأطواره المختلفة إلا من أبى منهم أن يجتهد لنيلها، أو بسبب خلل في التركيبة الذهنية للتلميذ وضعف في المستوى خارج عن الإرادة، وهنا تتوقف الحياة الدراسية في عمر مبكر يضع مستقبل الراسبين على المحك والذين عادة ما يتم منحهم فرصا عديدة للنجاح خاصة وأنه بهذا المستوى التعليمي البسيط لا يمكن الانتقال نحو خيار التكوين المهني للحصول على الحرفة التي يرغبون بها لضيق الاختصاصات التي تقبل المستوى الابتدائي من التعليم..
واليوم وقد توجه ما يزيد عن 853 ألف مترشح لنيل “صاحبة السعادة” الابتدائية وقلوبهم متعلقة بنيلها بمعدلات مشرفة تؤهلهم للانتقال نحو المرحلة المتوسطة والتي تتطلب بدورها اجتهادا مضاعفا يحدد الوجهة التي تتلاءم مع طموحات كل تلميذ إما نحو الشعب العلمية أو الأدبية أو التقنية كل حسب نقاطه المتحصل عليها ومعدلاته.. ورغم أن التلاميذ الموجهين نحو اجتياز الشهادة الابتدائية مطالبين فقط بالامتحان في ثلاث مواد تتعلق بمادة اللغة العربية والرياضيات والفرنسية إلا أن مخاوفهم ومخاوف الأولياء أكبر من أن تتلاشى بإلغاء بقية المواد المدروسة طيلة العام الدراسي والتي عادة ما تساعد في رفع المعدل على عكس المواد المعنية باختبارات الشهادة الابتدائية..
ولا نعرف إن كانت وزارة التربية الوطنية راضية على المنهاج الدراسي المقدم طيلة هذه المرحلة التعليمية والتي كثيرا ما تواجه رفضا واحتجاجات دورية من طرف عمال القطاع واختصاصيي التربية والتعليم وكذا أولياء التلاميذ الذين يصفون المنهاج الدراسي بالظالم لأبنائهم لكونه غير مراعي لقدراتهم الذهنية وصغر سنهم ولا يتماشى مع شعار الإصلاحات الذي تنادي به الوزارة منذ سنوات طويلة بقدر ما هو إفساد مبرمج للعقول “الصغيرة” وإتباع لمناهج فاشلة في أساسها بالإضافة إلى ما تحمله من ضغط كبير على التلاميذ.. وهو ما يحتم على الوزارة مراجعة شاملة للمناهج على يد “عقول جزائرية” وخبراء يقع على عاتقهم إنقاذ المنظومة التربوية من أخطائها التي لا تُغتفر والتخلص من التبعية التي هوت بها وما تزال تهوي إلى حين إحداث ثورة في المناهج والأساليب التعليمية على العموم لتكون مصلحة التلاميذ الخاصة من المصلحة العامة والعليا للوطن.
سماح خميلي