العمود

السياحة.. هل بدأ الاستثمار فعلا؟!

لكل مقام مقال

بحلول فصل الصيف يبدأ التفكير ينتعش بضرورة التخطيط إلى وجهة يمكن فيها التخلص من أعباء بقية الفصول التي تتراكم فيها المهام والأعمال والواجبات ونفقد فيها الإحساس بالوقت هذا الأخير الذي هو غير متاح بسبب كثرة الأعباء والمسؤوليات، لهذا فإن لفصل الصيف ميزة تجعله محببا لكثير من الفئات لتجد فسحتها فيه وراحتها..

وما تزال الجزائر رغم جدية مساعيها نحو الاستثمار في ترويج السياحة الداخلية لم تصل بعد إلى المستوى المطلوب بسبب النقائص الكبرى وتدني الخدمات أو انعدامها بالكامل سواء في الشواطئ والمُركبات أو في الفنادق والمنازل والشقق المخصصة للمصيف حيث لا تعبر التكلفة المبالغ فيها عن رقي الخدمة وارتقائها، وهي بعيدة عن إرضاء الزبون أو السائح الداخلي ناهيك عن السياح الخارجيين الذين يتفاجؤون باختلاف الوضع في الجزائر عن بقية الدول المستثمرة في السياحة حيث تصنف عندنا في ذيل الأولويات مع ما نلمسه من محاولات من أجل إنعاشها وإرضاء السائح بغض النظر عن وجهته..

وتشهد السياحة في الجزائر في الإقامات والفنادق والقرى السياحية والمنتجعات غلاء فاحشا وتكلفة تفوق التوقع في بعض الأحيان وهي غير متوافقة البتة حسب شكاوى السياح مع الخدمات المصنفة دون مستوى التطلع في غالبية الأماكن والأحوال، وما يزيد من رفع درجات عدم الرضا هو الشعور بالاستغلال بدلا من تلقي خدمات مرضية في سبيل إقامة أو جولة أو طلبات تتعلق بوجبة متنوعة يحتاجها السائح بعد عناء السفر والفسحة وما إلى ذلك من الأنشطة التي تجعله لا يمكث في مكان واحد بأي حال..

وتعتبر الجزائر رغم ما تكتنزه من مناظر خلابة وحضارات متعاقبة وآثار وجمال متنوع في جميع ولايات الوطن حيث تتميز كل منطقة عن الأخرى وكأنك تتجول في قارة كبرى ليختلف الشمال عن الجنوب والشرق عن الغرب وإن اجتمعوا في كونهم يحملون من الثراء ما يُلهم على الاكتشاف، من البلدان الأقل توافدا من السياح مقارنة مع بقية الدول التي تعتمد بالكامل على هذا القطاع الحيوي والذي يتميز فيها بانخفاض التكلفة مقارنة مع ما هو مسجل عندنا من تكاليف باهظة غير معقولة قد لا تشجع على الاستثمار في هذا المجال، وإن كانت السياحة في الجزائر قد بدأت في الخروج من قوقعتها ومحاول مواكبة التطورات الداخلية والخارجية والتحولات التي مست حتى الذهنيات ومستويات العيش خاصة وأن السياحة باتت من الضروريات الموسمية للتغيير ليست من حظ العائلات الميسورة فقط وإنما هي حق لفئات مختلفة يجمعهم عناء أشهر من العمل والجد وبحث حثيث عن الراحة والاستجمام والتغيير..

والمراهنة على هذا القطاع قد بدأت بالفعل باستقطاب السياح الداخليين والخارجيين ومنح السياحة حقها المتنازع فيه بين الغلاء والنقص الهائل في مستوى الخدمات والمعاملات وإن كانت السياحة في الجزائر تزخر بمقومات وإمكانيات ومرافق بحاجة إلى من يُخرجها مما هي فيه من ترد مهيمن بحاجة إلى فرض مخطط تنموي شامل للمرافق السياحية على تنوعها البحرية والغابية والحموية والصحراوية وغيرها المستغلة من طرف جهات أو أشخاص يسيئون للسياحة بدلا من الترويج لها على الوجه الصحيح..

وليس الغلاء وحده من يقف بوجه السائح في الجزائر وإنما تتظافر عوامل أخرى كانعدام النظافة وشح تسخير الإمكانيات مع وفرتها ورداءة الوضع على العموم ما يدفع بالسائح الداخلي إلى البحث خارجا عن بدائل أقل تكلفة وأكثر متعة ما بالك بالسائح الوافد من الخارج الذي يكون بخلفية زاخرة يصعب إرضاؤها بهكذا خدمات تعيق السياحة وتعمل على تراجعها بدلا من إنجاحها وتطورها.

سماح خميلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.