
ونحن نر كيف أن مواقع التواصل الاجتماعي قد باتت تعج بمقاطع فيديو للشاب الإماراتي الذي كرس حياته وبالتنسيق مع الهلال الأحمر الإماراتي لفعل الخير في “العالم العربي” دون تمييز ولتجسيد المشاريع الخيرية على أرض الواقع، ونحن نر كيف أن الشاب الإماراتي لا زال مستمرا في نفس ما بدأه طوال ثلاثة مواسم ونحن نرى هذا فذلك ما يثبت لنا أن الخير ليست له جنسية ولا انتماء وأن الخير هو التعبير بلغة واحدة وهي لغة الإنسانية، إضافة إلى أن ذلك ما يثبت أن من ينوي الخير لا تعجزه الحدود الجغرافية، وبإمكانه صرد المحتاجين حتى في دول أخرى وأبعد نقاط فيها، نرى هذا فإن ذلك ما يشعرنا بالأسف والحسرة على ما يحدث في بلادنا بكل صراحة؛ رغم أن الشعب الجزائري معروف بنخوته وأنفته وإسراعه إلى إغاثة من يستحق الإغاثة إلا أن هناك أمورا قد تشكل استثناء في المجتمع الجزائري وهو استثناء قبيح نوعا ما، وكمثال بسيط فرغم أن الدولة قد كلفت البلديات بإحصاء وتحيين قوائم المعوزين، وغير ذلك فضمير المسؤول وضمير المواطن يفرضان عليهما أن يحتكما إلى ما تنص عليه المسؤولية وما تنص عليه آداب الجيرة، إلا أن التجاهل قد غيب عن الأنظار عائلة معوزة وفقيرة أشد الفقر في بلدية المعذر، ورغم أن العائلة قد ابتليت بمرض رب البيت وبالتالي عجزه عن العمل ورغم أنها تعيش في بيت أشبه بكوخ آيل للسقوط في أية لحظة بسبب الظروف المناخية ورغم عدم توفر العائلة حتى على قوت اليوم في أغلب الأحيان ورغم أنها قريبة من مقر دائرة المعذر إلا أنه لم يتكرم أحد من المسؤولين أو المواطنين بإعانتها أو على الأقل بتوفير كرسي متحرك “جديد” للجدة العاجزة والمعاقة التي تقضي معظم وقتها على كرسي مكسور مسنود بألواح، وهذا طبعا في الوقت الذي يتغنى فيه المسؤولون بتفانيهم في خدمة “الأسر المعوزة” وإعانة المحتاجين وفي الوقت الذي تسعى فيه فعاليات المجتمع المدني لأن ترفع الغبن عن الفقراء والأسر المعوزة؛ رغم كثرة الجمعيات ورغم تنوع صيغ الإعانة وفي الوقت الذي تستفيد فيه “عائلات ميسورة الحال” من منح وقفف وحتى من سكنات اجتماعية، رغم هذا تبقى عائلة “ش.ب” مثالا عن العائلات المعوزة المنسية التي يمكن أن نصنفها ضمن “السهل الممتنع” إن صح التعبير، فرغم أنها تقطن في قلب مدينة المعذر ورغم أحقيتها في الاستفادة من كل الإعانات والمنح بل وحتى من سكن اجتماعي إلا أن الجميع قد تجاهلها وتناساها ودفع بها لأن تستغيث ويصل نداؤها لمصادرنا التي أكدت لنا بأن كثير من المعوزين الحقيقيين منسيون خاصة في هذا الشهر الفضيل، فمن يتحمل مسؤولية عائلات “في الظل”؟ المسؤولون الذين لا يكلفون أنفسهم عناء تكليف موظفين ولجان ميدانية لرصد المعوزين الحقيقيين أم المواطنون وفعاليات المجتمع المدني الذين يغفلون عن المحتاجين الحقيقيين ويكتفون بتقديم الإعانة للاستغلاليين؟ نتمنى ألا تكون المعذر صاحبة الأفضلية كأنظف مدينة فقط، بل إننا نتمنى أيضا أن تكون لها الأفضلية في قضاء حاجات المعوزين والقضاء على مظاهر الفقر والحاجة فيها تحت شعار “مدينة نظيفة، قلوب نظيفة”.
عبد العالي بلحاج