العمود

السلامة الرقمية لأبنائنا

بعيون امرأة

قبل سنوات قد لا تكون بعيدة بما يكفي لتُحدث هذا الفارق الكبير بين حاضرنا وتلك الأيام القريبة البعيدة، كانت أكثر مخاوف العائلات الجزائرية تتوجس من تأثيرات الشارع وتداعياته على أبنائها ذكرانا وإناثا، وكان لرفقاء السوء نصيب غالب من ذاك الهلع الذي ينتاب الآباء والأمهات حينها، أما اليوم ورغم أن غالبية الأبناء لا يخرجون إلى الشارع إلا بقدر محدود فإن التهديد تحول من خارجي إلى داخلي بامتياز وذلك عن طريق الوسائل المتاحة من هواتف ذكية وألواح وحواسيب وتلفزيونات أصبحت جميعها متصلة بشبكة عالمية مفتوحة على ما يسمى بمواقع التواصل الاجتماعية وروابط لا علاقة لها بهذا الاسم الفخم المتداول والذي لا يعكس أبدا الدور الخطير الذي يلعبه في تشتيت المجتمعات وتمزيق الروابط وانتهاك الخصوصيات بغض النظر عن جوانبه الإيجابية التي لا تكاد تظهر أمام حجم الكوارث الطاغية..

ومن أكثر المصائب ترويعا تلك التي تأتي من موقع الأمان بالنسبة للشخص ومن حيث تنشد الراحة والاستقرار، وانفتاح أبنائنا على عوالم وأشخاص لا يُعرف لهم أصل من فصل كما يقال فيه الكثير من المتاعب والمخاطر التي بدأت تتطور حسب ما هو رائج من حوادث تصل إلى حد المصالح الأمنية باستدراجهم وإغرائهم وانتهاك طفولتهم بشتى ما أمكنهم من مُغريات تصل بهم إلى كسب الثقة واستغلالها، وقد يصل الأمر إلى ارتكاب جرائم بإيعاز من هؤلاء الأشخاص كالسرقة والانحرافات الجنسية وهذا هو واقعنا الذي يحتاج إلى سلسلة صارمة من الإجراءات التي تهدف لحماية الأبناء من الدخلاء وكسب ثقتهم “عكسيا” بحيث يلجأون إلى آبائهم وأمهاتهم في حال تعرضهم لأي نوع من الاستهداف والاستدراج لأي علاقة مشبوهة وإعلامهم بما يحدث وعدم الخوف من الابتزاز وما شابه من الاحتيالات التي يوظفها هذا النوع من المنحرفين لاصطياد ضحاياهم..

فهناك من الحالات من تم استغلالهم لسرقة أموال ضخمة من أسرهم وتوجيهها لعصابات الرقمنة الذين وجدوا ضالتهم في الإيقاع بالأطفال والمراهقين وعرفوا كيف يوظفون سذاجتهم لصالح نزواتهم وأهدافهم، وهناك من تم استغلالهم في علاقات عاطفية وهمية وتحريضهم على ممارسات غير لائقة وإقحامهم في مشاكل وانهيارات أخلاقية ونفسية ودراسية وهو الأمر الذي يُلزمنا اليوم مضاعفة الحذر واحتواء أبنائنا بما يكفي لتعزيز مناعتهم ضد الأشخاص والمنظمات الإجرامية وتحصينهم، فما يحدث في واقعنا أمر عظيم مُتَكَتّم عنه مخافة الافتضاح وهذه هي نقطة الضعف التي يستثمرها المجرمون.

سماح خميلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.