
الدكتورة “داليا رحموني” تحذر:”أوصي المرضى بالابتعـاد عن الأمـاكن المكتظة وتفـادي السهر لسـاعات متأخرة”
طبيبـك في رمضـان
مع دخول العشر الأواخر من شهر رمضان، يحرص المسلمون على تكثيف العبادات مثل التصدّق، إطعام الطعام، قيام الليل والتهجد، بحثا عن الأجر العظيم لهذه الأيام المباركة، والظفر بالمغفرة والعتق من النار، إلا أن نوعية الأكل والسهر الطويل وقلة النوم قد تؤثر على الصحة، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل القلب ارتفاع ضغط الدم والسكري، ومن خلال هذه الدردشة التي جمعتنا بالدكتورة “داليا رحمون” سنتعرف على طريقة تحقيق التوازن لدى الصائم بين العبادة والحفاظ على الصحة، وما هي أفضل الطرق لتنظيم النوم وتجنب الإرهاق؟
وتقول الدكتورة “داليا رحموني”؛”صحيح أننا في أيام مباركة نحرص فيها جميعا على نيل ثواب قيام الليل ومختلف العبادات والطاعات المرتبطة بشهر رمضان المبارك، لكن الأولوية للصحة قبل التعبد، فعلى سبيل المثال بالنسبة للأشخاص المصابين بمرض القلب والشرايين فهذه الشريحة من المرضى ينبغي أن يقوموا بعباداتهم في أماكن فيها تهوية كافية، كما لا يجب أن يكونوا في أماكن مكتظة ومغلقة، فنحن كأطباء ننصح مرضى القلب والشرايين بالراحة، وعليه يمكنهم الصلاة والقيام بسائر العبادات في منازلم لأنها أكثر أمانا، ومن جهة أخرى، فإننا في مرحلة انتقالية من فصل الشتاء إلى فصل الربيع وبالتالي فإن هناك العديد من فيروسات الزكام المنتشرة التي قد تصيب الناس سواء كانوا مرضى أو أصحاء، والتي نقلها الأشخاص الذين يتنقلون من بلد لآخر ناهيك عن المعتمرين الذين عادوا إلى أرض الوطن محملين بهذه الفيروسات، وأفضل طريقة لتفادي الإصابة بها في المساجد والأماكن المكتظة هي احترام مسافة الأمان بالاضافة إلى ارتداء الكمامات بالنسبة إلى المصابين والسليمين على حد سواء.
وأضافت الدكتورة “داليا رحموني”؛ “أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين يستيقظون قبل صلاة الفجر هم أقل عرضة للجلطات القلبية، فقيام الليل وأداء صلاة الفجر في وقتها يعزز الدورة الدموية ويحسن حركتها بشكل مذهل، مما يمنع حدوث الجلطات بينما يرتفع معدل حدوثها عند الاستيقاظ في الساعات التالية عند الأشخاص الذين يستيقظون بعد صلاة الفجر، أما من الناحية النفسية، فإن الأشخاص الذين يقومون الليل ويستيقظون قبيل الفجر سيكونون في سكينة تامة، نتيجة إفراز الهرمونات بشكل سليم، كما يجب على مرضى السكري توخّي الحذر أثناء الصيام وتناول وجبة تتلائم مع وضعهم الصحي وطبيعة مرضهم، وعدم إهمال تناول أدويتهم في الوقت المحدد لتفادي حدوث مضاعفات قد تودي بحياتهم.”
ودعت محدثتنا الصائمين إلى التعبد بطريقة ذكية والابتعاد عن المناطق التي يكثر فيها الإكتظاظ، كما أكدت على ضرورة الحفاظ على التباعد لتفادي الإصابة بالفيروسات المنتشرة، إلى جانب توخي الحذر بالنسبة للأشخاص المصابين بالحساسية لا سيما الذين يعكفون على أداء الصلوات وقيام الليل والتهجد في المساجد فعلى الرغم من حرص القائمين على المساجد على نظافة المكان إلا أن عدم تهوية السجاد وتعريضه لأشعة الشمس بشكل كاف يجعله بيئة خصبة للفيروسات والميكروبات، لذلك يجب على المصلين الحرص على ارتداء الكمامات ليتمكنوا من أداء العبادات في بيوت الله دون الوقوع في مشاكل صحية.
من ناحية أخرى تعد مشاكل الجهاز الهضمي، الصداع الشقيقة، واضطرابات النوم من أكثر المشاكل الصحية التي تدفع الصائم إلى مراجعة الطبيب، والحل هنا يكمن في اختيار الأطعمة التي لا تسبب متاعب في القولون أو المعدة والابتعاد عن الأكل المقلي والذي يحتوي على الزيوت المهدرجة بالاضافة إلى الحلويات والمشروبات الغازية، إلى جانب تفادي السهر لساعات متأخرة، وفي هذا الصدد تقول الدكتورة “داليا رحموني”: “ينبغي على الإنسان السليم النوم لمدة 08 ساعات يوميا خلال الليل، فنحن لسنا في فصل الصيف ويمكن أن نصلي صلاة العشاء ونخلد إلى النوم مباشرة، والاستيقاظ بعد ذلك من أجل التعبد وقيام الليل وتناول وجبة السحور، ويمكن أن تكون 04 أو 06 ساعات كافية لكن يشترط أن تكون خلال الليل وليس النهار، فمن ينام في فترة النهار لا يعدّ صائما في الأساس، أما فيما يتعلق بالنساء فتضيف الدكتورة؛ “الماكثات بالبيت هن أكثر حظن من النساء العاملات، يمكنهن النوم بشكل كاف مقارنة بالاعباء التي تقع على عاتق المرأة العاملة، ويمكن لكلتيهما التعبد وأداء الفرائض والنوافل بالقدر الذي يجعلهن لا يكلفن أنفسهن فوق طاقتهن، فتحضير مأدبة الافطار والعناية بالزوج والأبناء وأفراد العائلة هو في حد ذاته عبادة تؤجر المرأة عليها”.
وأكدت الطبيبة “داليا رحموني”؛ على ضرورة أخذ قسط من الراحة والأحذ بعين الاعتبار النوم بكفاية لتجنب المشاكل المرتبة عن قلة النوم، ويعدّ الغضب والعدوانية من بين أكثر الآثار السلبية المترتبة عن ذلك، فما نشاهده يوميا من مشاهد الشجارات والعنف والانفعالات في الشوارع والأسواق والأحياء والمنازل وأماكن العمل، هو نتيجة أفرزتها اضطرابات النوم التي يعاني منها الصائم الذي لا يحترم ساعته البيولوجية واحتياجات جسمه.
وختمت ضيفتنا قائلة: “يجب علينا أن نحسن تقسيم وقتنا بين النوم والعبادة والعمل، ومن غير المعقول أن يقوم الصائم الليل كله وينام طوال النهار، دون تأدية واجباته في المنزل وفي مكان عمله، كما أنه بتصرفاته هذه لا يعتبر صائما فمن غير المعقول أن ننام خلال فترة الصيام ونستيقظ قبيل آذان المغرب ونقول بأننا قد صمنا لذلك يجب علينا أن نخلق توازنا بين واجباتنا اليومية من عمل أو وظيفة وأشغال منزلية وعبادات، وعلينا أن نتذكر دوما قول الله عزّوجلّ “لا يكلف الله نفسا إلا وسعها”.
شفيقة.س