في عشرات الآيات يقابل القرآن الكريم الأرض” على ضآلتها النسبية” بالسماء “على اتساعها المذهل” وهذه المقابلة لابد أنها متعلقة بوضع خاص للأرض بالنسبة إلى السماء.
يذكر القرآن الكريم تعبير السماوات والأرض وما بينهما في عشرين آية قرآنية صريحة وهذه البينية لا تتم إلا إذا كانت الأرض في مركز السماوات أي في مركز الكون.
يؤكد هذا الوضع قرآنيا قول الحق تبارك وتعالى في سورة الرحمن: (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) الرحمن:33.
وذلك لأن قطر أي شكل هندسي هو الخط الواصل بين طرفيه مرورا بمركزه، فإذا انطبقت أقطار السماوات “مع ضخامتها النسبية” مع أقطار الأرض “على ضآلتها النسبية” فلابد أن تكون الأرض في مركز السماوات.
أثبت الأستاذ الدكتور حسين كمال الدين توسط مكة المكرمة لليابسة وإثبات وجود الأرضين السبع كلها في أرضنا انطلاقا من حديث سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم الذي قال فيه: “من أخذ شيئا من الأرض بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين” ومن دراسات التركيب الداخلي للأرض ثبت ذلك، مما ينطبق وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الحرم حرم مناء من السماوات السبع و الأرضين السبع” وقوله صلى الله عليه وسلم:” يا معشر قريش يا معشر أهل مكة إنكم بحذاء وسط السماء وأقل الأرض ثيابا فلا تتخذوا الواشي”.
وقوله صلى الله عليه وسلم: “البيت المعمور منا مكة”، ووصفه البيت المعمور بأنه بيت في السماء السابعة على حيال الكعبة تماما حتى لو خر لخر فوقها.
كل ذلك يؤكد لنا أن الأرض في مركز الكون وأن الكعبة المشرفة في مركز الأرض الأولى ودونها ست أرضين وحولها سبع سماوات والكعبة تحت البيت المعمور مباشرة والبيت المعمور تحت العرش هذا الموقع المتميز للحرم المكي أعطاه من الشرف والكرامة والبركة والعناية الإلهية ما جعل من هذا الوصف القرآني: (ومن دخله كان آمنا..) حقيقة مدركة ملموسة لأنه دخل في أمان الله وظل عرشه وهل يمكن أن يضام من نال شرف التواجد في هذا المكان؟.
من هنا كان اختيار الحرم المكي ليكون أول بيت عبد الله تعالى فيه على الأرض وجعله قبلة للمسلمين ومقصدا لحجهم واعتمارهم وجعل الصلاة فيه بمائة ألف صلاة والحسنة فيه بمائة ألف حسنة لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق مكة المكرمة عشرات الأحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد خصوصية المكان ومكانته عند الله سبحانه وتعالي ومنها قوله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم:
“هذا البيت دعامة الإسلام، من خرج يؤم هذا البيت من حاج أو معتمر كان مضمونا على الله إن قبضه أن يدخله الجنة، وإن رده أن يرده بأجر وغنيمة”.
فسبحان الذي اختار مكة المكرمة موقعا لأول بيت عبد فيه في الأرض واختاره بهذه المركزية من الكون وغمره بالكرامات والبركات، وقرر أن من دخله كان آمنا وهذه حقائق ما كان للإنسان أن يدركها لولا نزول القرآن الكريم، وحفظه بلغة وحيه بحفظ الرحمن الرحيم.