العمود

الخروج عن السيطرة

لكل مقام مقال

إن انتشار المواد الممنوعة من مخدرات وحبوب مهلوسة وكوكايين وخمور وغيرها من مذهبات العقل والمروءة والأخلاق في أي دولة، فيه دلالات واضحة على أنها مُستهدفة في أكثر فئاتها حيوية من الأطفال والشباب ومن ثمة العمل بشكل منظم على انهيارها بين يدي أعدائها والمتربصين بها..

ووقوع الجزائر في دوامة هذه الحرب المعلنة من بارونات هذه التجارة المفلسة الذين وجدوا ضالتهم في الآلاف من الشباب لاستغلالهم لترويج سمومهم وتعريضهم لإدانات قضائية قاسية وغرامات ضخمة تحرمهم من أي فرصة لاستعادة حياتهم والاندماج في المجتمع وفتح صفحات جديدة بعيدا عن عالم الإجرام والانحرافات الذي لا يرحم ضحاياه ويحولهم إلى رهائن من الصعب أن يجدوا حلولا للخلاص من واقعهم المؤسف وغير واضح الآفاق والمعالم، بينما يعيش من تسببوا في توريطهم خارج دوائر الاتهام والإدانات ليستمروا في الإيقاع بمزيد من الضحايا دون التكفل أو الاكتراث بمصير من سبقوهم كأوراق “محروقة” لا يمكن استعمالها من جديد..

وقد ذهب أهل الاختصاص والمحللين إلى أن التأثيرات العميقة التي تنتج عادة من تردي الأحوال المعيشية وقلة ذات اليد والعجز على تأمين أبسط متطلبات الحياة زيادة عن انعدام فرص العمل لها دور كبير في سهولة اقتناص هذه الفئات وتجنيدها لصالح تجارة السموم وغيرها من الأعمال غير المشروعة التي تصل إلى حد الانضمام إلى الجماعات الإرهابية وزعزعة أنظمة الأمن والاستقرار في الدولة ومن ثمة تعريضها لمخاطر الفوضى والانقسامات وحروب ليس لها أول من آخر..

ويعتبر غياب العدالة الاجتماعية من “جبهة” أخرى واختلال موازين تكافؤ الفرص والظلم والتضييق وتعقيد حياة المواطنين بترسانات غير مدروسة من القوانين والتعليمات التي لا تتلاءم مع خصوصيات المجتمع الجزائري والأفراد ومنعهم من ممارسة حرياتهم التجارية والاقتصادية والمعيشية وغلق أبواب الكسب باتهامات جزافية غير مؤسسة كتبييض الأموال وتسقيف رؤوسها إلى حدود دنيا لا تسهل عملا ولا تفتح استثمارا ولا تُكسب عقارا من أكثر العوامل التي تؤدي إلى زعزعة ثقة المواطن بوطنه ومستويات الأمان فيه وتدهور تعزيزات الروح الوطنية بما يسهّل الاختراق وما يؤجج الأفكار الانتقامية والهجرة والهروب خارج الوطن بحثا عن الانفتاح و رحابة الحريات..

لهذا فإن التوجهات المطلوبة في هذه المرحلة التي ما تزال في مرحلة التأسيس لجزائر جديدة يجب أن تكون مُراعية لتحقيق العدالة باحتواء الشعب والتخلص من الممارسات التي لا تنصب بأي حال في صالح التطلعات الاستشرافية لجزائر الغد والتي تستمد قوتها من أصالة حاضرها اليوم وماضيها المُشرّف.

سماح خميلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.