
في إطار صفقة تبادل الأسرى التي نص عليها اتفاق وقف النار في غزة بين المقاومة والكيان الصهيوني، تم تحرير القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين السيدة خالدة جرار، والتي تعتبر من الرموز السياسية والمجتمعية الفلسطينية لكونها عضوا في المكتب السياسي للجبهة الشعبية ومسؤولة ملف الأسرى في المجلس التشريعي الفلسطيني، كما أنها شغلت عضوية اللجنة الوطنية العليا لمتابعة ملف انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية.
خالدة جرار اعتقلت عدة مرات، فقد كانت البداية عام 2015، أين حوصرت بآليات الاحتلال العسكرية وتم اقتحام بيتها وتفتيشه، وتم نقلها إلى عدة معتقلات عسكرية صهيونية للتحقيق معها، فردت بالإضراب عن تناول الماء والطعام، وبعد الإفراج عنها بعد 15 شهرا في جوان 2016، تم اعتقالها مجددا في 2017 ليتم الإفراج عنها في فيفري 2019، ليتم توقيفها مجددا في ديسمبر 2023 عقب عملية طوفان الأقصى إلى أن تم تحريرها قبل يومين مقابل ثلاث أسيرات صهيونيات.
الملاحظ في المشاهد التي وثقت عملية تحرير “خالدة جرار” هو أن ملامحها قد تغيرت مقارنة بما كانت عليه في السابق، وغزا الشيب شعرها، على خلاف “الحالة التي ظهرت” بها الأسيرات الإسرائيليات لدى “حماس”، وهذا ما يبين الفرق بين الظالم والمظلوم، حيث اتضحت الصورة وتأكدت همجية الصهاينة، وتأكدت معها حقيقة أن الإنسان الفلسطيني لم يعد يدفع ثمن الدفاع عن قضيته “بالروح والدم فقط”، بل حتى والإنسان الفلسطيني أسير يدفع الثمن بتآكل ملامحه وتغير “صورته وشكله”، وإن كان هذا التآكل مصيرا بالنسبة لشخص أو لأشخاص وثمنا يدفعونه مقابل الثبات على مواقفهم ومبادئهم فإنه يعتبر تفصيلا في معركة تخوضها الأمة، ليس انتصارها مرهونا “بالأضرار والخسائر” بقدر ما هو مرهون “بالثبات” وعدم الانكسار أيا كان حجم الأضرار، معنى هذا أن أسر شخص أو عشرات الأشخاص ربما هو ضرر لهم “كأشخاص”، وقتل شخص أو عشرات الأشخاص ربما “خسارة في الأرواح”، لكن، بالنسبة لجوهر القضية، تعتبر هذه الأضرار والخسائر تحصيل حاصل للثبات، مثلما تعتبر حرية الشعوب ورفاهيتها تحصيل حاصل لانتصار الأمة.
سمير بوخنوفة