العمود

التهديد لا يكفي

لكل مقام مقال

تتعرض مصالح المواطن الجزائري ومن ثمة الوطن لكثير من التلاعبات من طرف المقاولين الذين توسعت دائرة ممارساتهم المُخالفة للعقود المبرمة بينهم وبين المؤسسات المعنية والمديريات والهيئات بصفتهم عملاء بعديد التجاوزات التي تعود بمخاطر كبيرة على قطاع البناء في عمومه ومختلف صيغه ومشاريعه وكذا قطاع الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية لارتباطهم بالعمل المقاولاتي..

وقد عرفت الجزائر في السنوات الأولى بعد الاستقلال وفي فترة الثمانينيات نقلة نوعية في العمل المقاولاتي حيث كانت هناك أسماء بارزة ومؤسسات دولية ساهمت في إنجاز مشاريع إسكانية ضخمة وبنى تحتية ومنشآت ما تزال صامدة وقائمة تتميز بحسن عمارتها وجودتها، إلا أن اختراق هذا المجال الحيوي من طرف أشباه المقاولين والدخلاء عمل على تراجعه وهبوط مستوى مصداقيته إلى الحضيض بمشاريع مناقضة تماما للاتفاقيات المبرمة ومقاييس الجودة المعمول بها على مستوى العالم، لتشهد الجزائر أسوأ مراحل البناء والإنشاء وأشغال الطرقات في السنوات الأخيرة التي تزيد عن الربع قرن بسبب تقاعس المؤسسات المقاولاتية في أداء مشاريعها بالجودة المطلوبة زيادة عن عدم التزامها بمواعيد التسليم وهذا ما يزيد من تأزيم الاختلالات الموجودة أصلا..

أما أشغال الطرقات فهي بحاجة إلى فتح ملفات كبرى وتحقيقات بشأن انعدام الجودة وكثرة الفساد في هذا القطاع المرتبط رأسا بأرواح الناس وممتلكاتهم حيث أن اهتراء الطرقات في أوقات قياسية منذ الانتهاء من إنجازها يصنفها من ضمن أكثر العوامل المؤدية لوقوع الحوادث المميتة التي تسجل بشكل يومي بالإضافة إلى فساد الأرصفة المتسارع والذي يكلف الخزينة العمومية أموالا طائلة دون جدوى لتتحول إلى ظاهرة تستنزف الأموال والأوقات وتؤثر سلبا على المواطنين والمظهر العام للأحياء والمدن وكثرة الأشغال فيها على مدار أيام السنة وفصولها..

ومن أكثر ما بات يستفز المواطن باعتباره معني بالدرجة الأولى بهذا الفساد المتنامي في القطاعات المذكورة هو ندرة لجوء الجهات المعنية لمتابعة المقاولين قضائيا وتغريمهم وكل متورط في إنجاز مشاريع تهدد سلامة المواطنين أو يتأخر في التسليم في المدد المتفق عليها وعدم مطابقتها للمواصفات مع إلزامهم بالإصلاحات في حال الإمكان أو تقديم تعويض مادي يتلاءم والأضرار المسجلة ولا يمكن للتهديد أو التلويح بذلك أن يُجدي نفعا إلا إذا تدعم بالشروع الفعلي في تنفيذ بنود الاتفاقية في حال إنجاز عمل بعيوب ظاهرة وخفية قد تؤدي إلى أضرار محققة أو محتملة علما، أن ما تعايشه الجزائر من فساد في هذه القطاعات الحيوية إنما هو نتيجة التساهل مع المقاولين والتغاضي عن أخطائهم التي لا تُغتفر بأي حال.

سماح خميلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.