العمود

التصالح مع الأبناء بأي حال

بعيون امرأة

هكذا مر الثلاثي الأول من السنة الدراسية سريعا وسيتكلل بعطلة شتوية قد تكون فرصة للتزاور والرحلات والسفر أو تمر كغيرها من الأيام رتيبة وروتينية ولا جديد فيها ليذكر، وفي هذا اليوم يكُرم من اجتهد بنتائج مشرفة تثلج قلبه وأهله وأساتذته فيستشعرون أن جهدهم لم يضع سدى وقد تجسد علامات تنم عن المثابرة والإصرار على التحصيل الدراسي والتنافس من أجل نيل أعلى الرتب والتقديرات، خاصة مع وجود جميع الوسائل المساعدة من أساتذة يقدمون خدمات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعلى مدار الساعة فلم يعد من عذر للتراخي والكسل مع كل هذه التسهيلات الحاضرة بفضل التطور التكنولوجي الذي سهل الدراسة والتمدرس إلا لمن أبى ذلك..

وهناك فئة من التلاميذ لا يقلون مكرمة عن هؤلاء لاجتهادهم وسعيهم وإن كانت نتائجهم متوسطة على الرغم من ذلك والتي لا تعكس على أية حال مجهودهم لغياب المنهجية أو التوتر والارتباك وهم بحاجة ماسة إلى مراجعة نقاط ضعفهم وأسباب ذلك للتصحيح والانطلاق بروح جديدة، بينما الفئة غير المرضي عنها من جميع الأطراف ولا حتى من أنفسهم فإنهم من أكثر الفئات التي يجب أن يحرص الأولياء والأساتذة على احتوائهم وتوجيههم بالحسنى حتى لا ينفلتوا ويتمردوا فيقتحموا وهم في عمر حرج عوالم لا يخرجون منها إلا بخسائر أكبر من أن يستدركونها وذويهم وحتى المجتمع الذي يعتبر نفسه بعيدا عن المسؤولية، إذ أن كل سلوك غير سوي وإن كان فرديا ينعكس على الجماعة، لهذا فإنه لا يجب الغفلة عن هذه الفئة أو محاصرتها بالانتقادات والضرب والشتم والتحقير وإشعارهم بالفشل في كل شيء بدءا من التحصيل الدراسي وانتهاء بالأخلاق والسلوكيات..

وقد بدأ المجتمع الجزائري يفقد الكثير من القيم التي كانت تميزه عن غيره من المجتمعات للأسف ويبدو أن الآباء أنفسهم شاركوا في ذلك من خلال عدم اكتراثهم للتغيرات التي تحدث في حياة أبنائهم أو اعتبارها مرحلة عمرية سرعان ما تمر ويعود بعدها الأبناء إلى وعيهم الإيجابي إن صح القول، حيث قد تتطور الأمور إلى غير النهايات المرجوة..

لهذا فإن كل ولي مسؤول بالرعاية التي تستوجب التفرغ للأبناء مع عدم المبالغة في الحرص والتضييق ليكون التوجيه مُتقبلا دون إلغاء شخصيتهم وتأهيلهم لمواجهة الحياة بحلوها ومرها وتجاربها المختلفة والمتنوعة، أما ما يحدث من عقوبات نتيجة عدم الرضا عن النتائج الدراسية والمبالغة بذلك فإنها تستوجب اتباع أساليب أكثر نجاعة وفائدة لا يخسر فيها أي طرف في حين يربح الأولياء وأبناءهم فرصة للتصالح والإيمان بوجود ما يسمى الاختلاف وأن لكل شخص مستوى من القدرات لا يشبه الآخر بالضرورة درءا لكل مقارنة أو تقليلا من الاحترام.

سماح خميلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.