
يعتبر ملف والإطعام المدرسي من الملفات الثقيلة والحساسة والتي هي بحاجة إلى وضعها ضمن الأولويات البالغة الأهمية بالنسبة للمسؤولين ورؤساء البلديات على وجه الخصوص، حيث تُسجل تجاوزات بالجملة تشمل الإهمال والتقصير وعدم الاعتناء بالوجبات ونوعية المواد الأولية الموجهة لإعداد الطعام لتلامذة المدارس الذين يعاني غالبيتهم من أوضاع اجتماعية هشة تُحتم عليهم الاعتماد على الوجبات المقدمة على مستوى المطاعم المدرسية، هذه الأخيرة التي تنفرد بها المناطق النائية والأحياء الشعبية وقد يتم توفيرها في مدارس مختلفة لا تخضع لنفس الظروف والمقاييس..
ورغم أن التشديد الذي حرصت الحكومة على توجيهه للمسؤولين والتأكيد الذي حذر به وزير التربية من أي تقاعس بشأن الإطعام اللائق والساخن والإيواء بداية الدخول المدرسي، إلا أن التقارير والمعاينات الميدانية والتفقدات المفاجئة للمطاعم والمخزون الموجه لها يفضح ممارسات مخالفة وتلاعبات بتقديم وجبات غير مُطابِقة لما يتم رصده في الفواتير بفوارق مالية لا توجه لبطون التلاميذ وإنما توجه لجيوب غير مستحِقة وحسابات..
وتعرف الكثير من المناطق النائية والتي تفتقر إلى المؤسسات التربوية بجميع مراحلها وأطوارها هجرة يومية لأبنائها المتمدرسين بالنسبة للطور الابتدائي وقد تكون أسبوعية أو شهرية أو فصلية لبقية الأطوار، هذا الوضع الذي يُحتم على التلاميذ الأكل والمبيت بعيدا عن دفء العائلة، وفي وقت تضمن فيه وزارة التربية الوجبات الساخنة للتلاميذ تحت توصيات وتعليمات وقرارات مؤيدة بأوامر رئاسية إلا أن التناقض الحاصل بين الواقع والتنظير وما يتم اكتشافه من مخالفات يؤكد تورط جهات مختلفة وتواطؤها في إعداد وجبات لا صلة لها بما يتم رفعه من تقارير لمديريات التربية تتعلق بكمية الوجبة ونوعيتها ومطابقتها للقيمة المالية المقدرة لها، علما أن المؤسسات التربوية غير مسؤولة إلا من حيث الإشراف وإعداد قوائم المستفيدين في حين أن البلديات ومستشاري التغذية هم من تقع على عاتقهم كامل المسؤولية..
وكثيرا ما يحاول التلاميذ أو أوليائهم إيصال انشغالاتهم وأوضاعهم المزرية للمعنيين بها من مسؤولين وهيئات ووزارات عبر مواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها وسائل مباشرة وسهلة ولا تحتاج إلى وسائط لمخاطبة المسؤولين رأسا، لنكتشف من خلالها مدى قساوة الأوضاع التي يعيشونها والحرمان حتى من توفير المدافئ في الأقسام وأكلات ساخنة في المطاعم، وغير ذلك مما هو مخالف تماما للإصلاحات الرامية لتحسين ظروف التمدرس والخدمات المدرسية في كافة المستويات والمناطق وضمان تكافؤ الفرص وعدالة اجتماعية لا تعرف الاستثناءات والمراوغات والتحايل بأي شكل من الأشكال.
سماح خميلي