
في كل مرة يكشف تساقط الأمطار في الجزائر عظيم ما خفي من المشاريع الفاسدة والطرقات المهترئة ونظام الصرف البعيد كليا عن المقاييس العالمية وتحول هطول الأمطار إلى ما يشبه كارثة موسمية يدفع ثمنها المواطن من نفسه وماله ضرائب ضخمة لم يكن ليدفعها لو أن كل مسؤول من موقعه يخلص في عمله ويتفانى في خدمة بلاده بعيدا عن المصالح الشخصية والإرضاءات والتسويات التي تتسبب في حدوث نكبات كبرى جراء تساقط يعتبر محتشما مقارنة مع حجم الأضرار المترتبة..
و بعد كل كارثة يطلق المسؤولين برامج استعجالية للوقوف عند الأضرار واستدراكها بمشاريع كبرى تأخذ من المال العام ما تأخذ ثم سرعان ما تفضحها الأمطار في الموسم القادم لتتكرر ذات الكوارث وذات الأكاذيب والوعود والمستويات الدنيا في سوء التسيير والضحك على ذقون المواطنين..
وفي وقت يعتبر فيه هطول الأمطار من النعم التي ترتكز عليها جميع القطاعات الحيوية في البلاد و شحه من أكثر الأزمات التي قد تعيشها إلا أنه بات من بين الأسباب المباشرة في إغراق الأحياء والمدن بعد دقائق معدودة من التساقط وهو الأمر الذي يحدث حالة من الفزع والهلع والرعب في الأوساط الشعبية خاصة ساكنة الأحياء الهشة والسكنات القديمة أو المتصدعة أو الآيلة للسقوط والانهيار..
وتشهد الجزائر انهيارات للبناءات وارتفاع منسوب المياه على مستوى الأنفاق والطرقات والمجاري الحضرية لمجرد استمرار هطول الأمطار لبضع ساعات لم تكن لتُحدث ما تحدثه لو أن المشاريع المنجزة يتم إنجازها وفق المعايير التي تنأى بها عن الكوارث..
وسواء فُتحت تحقيقات بهذا الشأن أو لم تفتح فإن النتيجة ذاتها نشهدها عند كل نزول للأمطار ما يعني أن هناك إصرارا على الاستمرارية في الفساد وضرب البنى التحتية للبلاد وأن الأخطاء ذاتها قد سيطرت على عقلية المسيرين والمسؤولين المحليين والسامين حيث أن حالات الاستنفار القصوى التي تُخرجهم من مكاتبهم كان حري بهم أن يمارسوها يوميا بالمتابعات الميدانية والوقوف الجاد والصارم في متابعة المشاريع وهو ما سيمنع التجاوزات وممارسيها إلى حد كبير ويدفع بشركات الإنجاز إلى الالتزام.. هذا الأخير الذي يعتبر سدا منيعا من كل كارثة ويؤمّن لنا مواجهة عادلة مع التقلبات الجوية والغيث النافع.
سماح خميلي