
منذ نعومة أظافرنا، عرفنا بأن أي حدث دولي، مهرجانا ثقافيا كان، أو مسابقة فكرية، أو بطولة رياضية، هي مناسبة لرفع الراية الوطنية في المحافل الدولية وتشريف الألوان الوطنية، حتى أن لاعبين جزائريين ينشطون في دوريات كرة قدم كبرى كالدوري الإنجليزي قد كانوا يصرون على لف “شارات تحمل الألوان الوطنية” حول معاصمهم عندما يخوضون مباريات مع أنديتهم، وهذا اعتزازا بالألوان الوطنية التي هي ألوان العلم الذي يحمل بدوره دلالات، إذ أن اللون الأبيض رمز للسلام، والمحبة والخير، واللون الأخضر رمز للأمل في التقدم ولغد أفضل، والأحمر يرمز لأهمية العمل وتحقيق الرخاء ويرمز “لدماء الشهداء” الذين سقطوا في ميدان الشرف دفاعا عن “الوطن”، أما النجمة والهلال فهما يرمزان للإسلام الذي هو دين الدولة.
إذا كانت بطولة أولمبياد باريس 2024 واحدة من المناسبات والتظاهرات التي يجب أن تستغل فيها الفرصة لرفع العلم الوطني الجزائري، وتشريف الألوان الوطنية، فكيف سمحت “الجهة المسؤولة عن اختيار الألوان على البدلة الرسمية للمشاركين” لنفسها بأن يحل اللون الأزرق محل اللون الأحمر؟ فنحن هنا نريد تشريف علم الجزائر والألوان الوطنية التي هي رموز لا يجب المساس بها، وبالتالي فعندما يتم إقحام ألوان دخيلة على ألوان العلم الجزائري فكأنما القصد هو “تشريف ألوان لا علاقة لها بعلم الجزائر”، وإن كانت حجة “الجهة المسؤولة عن هذه الفضيحة” أن الأزرق يرمز للبحر والشريط الساحلي فهنا يصبح الأمر عبارة عن “ترويج للجغرافيا وللسياحة في الجزائر”، وتظاهرة كالأولمبياد ترفع فيها الرايات الوطنية ولا يروج فيها “لما تزخر به الدول”، لأن التسويق للتراث والثقافة في “التظاهرات الرياضية” عمل جانبي يتم على هامش “البطولة” كحفل الافتتاح أو في الكواليس في إطار “علاقات مع بقية الوفود” وما يعزز كلامنا هذا أن كل تظاهرة رياضية تتيح للرياضيين في حفل الافتتاح إمكانية “التسويق للتراث” وكان للجزائريين فرصة إبراز اللباس التقليدي الجزائري، فلما لا يتم الترويج “لجغرافيا الجزائر في حفل الافتتاح”؟
إن الحجج الواهية، والأعذار الأقبح من الذنوب لا يجب أن تلهي “السلطات المعنية” عن دورها في حماية “رموز الدولة”، فمن يسرق بيضة، قد يسرق جملا، ومن يعتدي على الألوان الوطنية ويتلاعب بها في حدث رياضي “هام” بإمكانه غدا أن يتلاعب “بالتاريخ كله” باسم الجغرافيا.
حمزه لعريبي