في تقرير تم تداوله فيما يخص الأمور “الأكثر” تمييزا للدول عن بعضها البعض فقد احتلت الجزائر المرتبة الأولى في كونها من الدول “الأكثر” بيروقراطية في العالم، وهي رتبة للأسف تكشف مدى التخلف الذي تُسيّر به الشؤون الإدارية ومعاملات المواطنين ومصالحهم، حيث لم يشفع الاعتماد على الرقمنة وفرضها على مستوى جميع المؤسسات والقطاع الخدماتي للتسهيل للمواطن الذي تضيع مصالحه وتتعطل وهو يحاول تحصيلها وقد يُحرم منها تماما في حال وجود ورقة ناقصة أو مشكل عارض يمكن تجاوزه لولا التعقيدات التي تصر الإدارة الجزائرية على طرحها..
وباعتماد الرقمنة كخيار حرصت الحكومة الجزائرية على أن يكون لفائدة التيسير ورفع الغبن على المراجعين والقضاء كليا على البيروقراطية التي استنفذت جهودهم وأوقاتهم وكثيرا ما تُقحمهم في طرق متشعبة للحصول على وثيقة واحدة أو معاملة أو إلغاء إجراء وتأكيد آخر، وهو ما يمكن فعله بأيسر الطرق وبكبسة زر مع وجود شبكة الأنترنت وتوفرها في جميع المكاتب والمصالح ما يسهل التواصل وفك العزلة والتقارب والتيسير على الناس..
ولا يمكن فهم ما يُمارس من سوء تسيير وعطالة وإصرار على الورقنة وإثقال المواطن بعديد الوثائق والمستندات التي يمكن التأكد من وجودها بخدمة الأنترنت التي هي الأخرى تحولت إلى نقمة بكثرة تعطلها رغم وجود الآلاف من خريجي الجامعات ومعاهد التكوين المتخصصين في هذا المجال والمبتكرين والمبدعين أيضا الذين لا يجدون الفرصة المناسبة لإظهار مواهبهم وتقديم خدماتهم والحصول على وظيفة..
وإذا كانت الحكومة مصرة من خلال تقاريرها الرسمية وتعليماتها على ضرورة التكفل بمراجعات المواطنين وبخدماتهم وتسريعها والنظر في انشغالاتهم خارج الحيز البيروقراطي المهيمن ومحاولة القضاء عليه بشتى التسهيلات التي تُقرها الحكومة بين حين وآخر، فإن الخلل إذن يكمن على المستوى القاعدي وذلك بعدم الانضباط والالتزام بما هو مستجد من وسائل وتعليمات والإصرار على النهج البيروقراطي الضارب والمتجذر في عمق الإدارة الجزائرية بحيث تعمل بعض الأجنحة على هيمنته لأنه يخدم مصالحها وتجاوزاتها وتلاعباتها، لهذا فإن طرح البدائل دون متابعة حسن سيرها يُعتبر بحد ذاته مُشاركة في الواقع المتردي الذي تعيشه الإدارة الجزائرية الذي وضعها في تصنيف غير لائق لا يعكس الجهود المبذولة من أجل عصرنتها ورقمنتها بينما يصارع المواطن ويعاني يوميا من أجل تحصيل أبسط حقوقه.
سماح خميلي