العمود

الأعمال العرجاء

لكل مقام مقال

يحاول الكثير من المحسنين أن يبادروا بالخيرات من خلال تقديم مساعدات عينية ومالية للجمعيات المختصة والمساجد أو مباشرة للمعوزين والأسر ذات الدخل الضعيف أو كل ذي حاجة من مرض أو لشراء مستلزمات ضرورية أو غير ذلك من الأمور التي تحتاج إلى دعم خاصة مع انتشار الفقر وعدم القدرة على مجاراة هذا التحول الكبير على مستوى المعيشة حيث انتقل مؤشرها إلى عدم القدرة والانهيار، وهذا ما ساهم بشكل كبير في انتشار مفاهيم جديدة وأساليب متنوعة لطلب المساعدة واستجداء عطف المجتمع وخاصة المقتدرين ممن بإمكانهم انتشال المحتاجين ومساعدتهم وتقديم العون بما تستلزمه كل حالة..

إلا أن ما هو ملاحظ أن العمل الخيري في الجزائر بحاجة إلى بحث وبعث ومراجعات بشأن الأخطاء المتداولة في عمليات توزيع المساعدات وتوجيهها بحكمة تحول الفقراء إلى فئة مكتفية أو حتى قادرة على العطاء والمساعدة هي الأخرى، حيث ورغم ضخامة الأموال التي تُرصد لمثل هذه الأعمال خيرية سواء من باب الصدقات أو الزكاة أو المساعدات الإنسانية الشاملة لكل الأهداف إلا أنها لم تغير من حال الفقراء شيئا بقدر ما كرست الفقر وحصرتهم في زاوية ضيقة بيد ممدودة دائمة للأخذ على ضآلة المعونة المأخوذة والتي لا يتجاوز مفعولها بضع أيام أو حتى سويعات معدودة ويبقى الحال على ما هو عليه من العوز لسنوات بعد ذلك أو العمر بأكمله..

وهذا الخلل الكبير الذي لطالما نبهنا إليه ويتم تجاهله لأسباب تتعلق بسوء التسيير والتوجيه وانعدام الحكمة والانحياز إلى مفاهيم مغلوطة وأساليب عرجاء لا تؤتي أُكلها و ذلك بـ(تفتيت) المساعدات إلى أكبر عدد ممكن بدعوى أن الفقراء أكثر من أن يُعدّوا وأن مبلغا بسيطا لكل عائلة أو محتاج أفضل من لا شيء، وبهذا المنطق “السخيف” لا يستفيد الفقراء من معونات فعلية وإنما من “فتات” لا يسمنهم ولا يغنيهم من جوع ولا يغير من أحوالهم وهذا ما ينال من كرامتهم وعزة نفسهم خاصة وأن “جلجلة” المساعدات مع ما يصاحبها من تغطيات إعلامية ومقالات ومنشورات تبدو أضخم مما عليه من “الهُزال” غير المجدي..

والحل كل الحل يكمن في “التوزيع” العادل والعدالة هنا لا تعني أبدا مس أكبر شريحة من المحتاجين وإنما إخراج بعضهم في كل مرة من دائرة الفقر إلى أن يُقضى على هذه الظاهرة التي لا تليق بمجتمعنا وبدولتنا ونحن نملك ما نملكه من المؤهلات والأموال والأغنياء ما يغنينا عن هراء المساعدات العرجاء والحلول التي لا تقدم ولا تؤخر.

سماح خميلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.