
استفزازات باريس تزيد من رص الصفوف في الجزائر
معركـــــــــــة أخـــــــــــــــرى تخـــــــــسرها فرنـــــــــــــسا
تسقط يوميا حملات الاستفزاز التي يقودها تيار معروف وسط الطبقة السياسية الفرنسية ضد الجزائر عند أقدام الشارع الجزائري، في تأكيد عن الفشل الفادح الذي استهدف زيادة عن المساس بالدولة الجزائرية ورموزها تشتيت الرأي العام الوطني، والذي من سوء طالع “المتكالبين” ازداد تماسكا ونضجا بعدما وجد في سقطات المسؤولين الفرنسيين المتتالية والمدوية سانحة للتعبير عن الاعتزاز بالانتماء الوطني، وأن الجزائريين عن بكرة أبيهم يضعون وطنهم الذي لا يملكون عنه بديلا في كفة “المعتقد” و”الوالدين”.
عبد الرحمان شايبي
يدفع التلاحم الشعبي والرسمي في الجزائر أصحاب الاستفزازات الفرنسية على نقع تصريحاتهم الإعلامية في كوب ماء بارد، ومن ثم ابتلاعه على مضض بدءا من الرئيس الفرنسي، إلى رموز التيار اليميني المتطرف المتحالف مع الصهيونية، وكذلك “أدوات” فرنسا التي يحركها “المتكالبون” كلما حلّ موعد هز الدمى، ودفعها إلى النباح على قافلة الجزائر الجديدة والمنتصرة.
وتوصف حملة الساسة الفرنسيين كمن يصرخ في وادي عميق، لأن المتمعن في جذور الحملة يكتشف الهروب الرسمي من متاعب جمّة تلاقيها الجمهورية الخامسة التي لاحت بوادر أفولها مباشرة بعد زلزال حجب الثقة عن حكومة “بارنييه” وإسقاطها برلمانيا أواخر السنة المنقضية، مما مهّد الطريق أمام المعارضة لرفع سقف المطالب عاليا، بما فيها المطالبة بـ “رأس” إيمانويل ماكرون بوصفه أحد “أسوأ” الرؤساء الذين مروا في تاريخ الجمهورية الخامسة.
وخلّفت الحملة المسعورة التي تجري داخل البلاطوهات الإعلامية وصالونات اليمين المتطرف ضد الجزائر ارتدادات عكسية باغتت المتحاملين أنفسهم بسبب ما أحدثته الحملة المسمومة من نضج ووعي سياسي لدى الطرف الآخر، تتقدمه صفوف الشباب على وجه التحديد، والذي دخل السواد الأعظم منه في حملات تعبئة وتحسيس تشرح أبعاد التكالب الفرنسي على الجزائر، أمام ما فقدت باريس من أوراق في القارة الإفريقية.
ويتمدد النضج الملتمس لدى الشباب الجزائري ليشمل الشباب الإفريقي لاسيما البلدان التي لها ماض أليم مع الكولونيالية الفرنسية، وهو ما تكشفه ردات الفعل والانطباعات وجملة الآراء التي تكاد لا تنقطع في صداح شباب القارة تجاه مستعمر الأمس، وهم يخبرون الرسميين في باريس بصوت واحد أن “اللعبة انتهت” وأن إفريقيا لن تتقبل “الدونية” ونظرة الاستعلاء مجددا.
ويدوي هذا الخطاب الجماهيري وسط النخب وطلاب المدارس والجامعات في اكثر من بلد إفريقي واحد يطالب فرنسا بتبادل الاحترام والتعاون المبني على المصالح المشتركة للشعبين، وأن زمن النظر إلى القارة من زاوية “وكالة دون بواب” قد أصبح من الماضي البعيد.
ومع أن التهجم الفرنسي اقتصر في معظمه على الجزائر، فإن الأخيرة وجدت من يدافع عليها عبر كامل منصات القارة التي رفعت في عيني الرئيس ماكرون شعار الجزائر خط أحمر حسبما تداولته منصات سوشييل ميديا عالمية.
ويعض المتحاملون على الجزائر أطراف أصابعهم غيظا وندما أمام تنامي الوعي الجماهيري وسط الشباب، سواء في الجزائر البلد المستهدف، أو في عموم بلدان القارة الإفريقية.
وطوت مستعمرات القارة الإفريقية في السنوات القليلة الأخيرة الحساب مع العاصمة باريس، ساعد في ذلك تنامي حساسية مفرطة داخل هذه البلدان من كل ما هو “فرنسي”، بلغ فيها قطار شحن الجيوش الفرنسية بكامل أمتعهم وأغراضهم محطة السنغال التي تتهيأ لـ “قطيعة” عسكرية وأمنية مع فرنسا أياما فقط من صدور قرار العاصمة نجامينا بخصوص إنهاء أي تعاون أمني وعسكري يجمع تشاد بفرنسا، وهو ما لم يستصغه مستعمر الأمس، ودفعته محاولات التنفيس عن خيباته على ارتكاب خطأ فادح من وراء خلق أزمة مصطنعة مع الجزائر، كلّفت الواقفين على ضفة الشمال من البحر المتوسط المزيد من الخسائر لدرجة لامست شعور حكوميين بـ “الإذلال”.