
ما هو ملاحظ في احتجاجات التلاميذ في العديد من ولايات الوطن، هو أنها ابتعدت في طبيعتها وفي شعاراتها عن أي احتجاج للمطالبة بحقوق لها علاقة بالمدرسة أو المؤسسة التربوية، فبعض التلاميذ حملوا شعارات مناهضة “للإدارة” وبعضهم الآخر بات يردد أغان وشعارات كتلك التي تردد في الملاعب بينما رفع بعضهم الآخر راية غير الراية الوطنية، وهنا يتضح بأن هناك “لمسة تسييس” في الموضوع.
صراحة، نرى بأنه لو كانت الاحتجاجات نابعة من “عمق المدرسة” الجزائرية لكانت المطالب “محصورة في النقل والوجبات المدرسية” لكن أن يأتي تلاميذ على ذكر ما يسمونه بالإيديولوجيات فهذا ما يعني حتما بأن للاحتجاج علاقة بصراع إيديولوجي وصراع من أجل مصالح “شخصية” باسم “التلاميذ”، وما نراه أيضا هو أن احتجاجات التلاميذ منذ أيام هي احتجاجات خارج الصندوق الحقيقي “للمطالب المشروعة لأي تلميذ”.
إذا كان السبب الرئيسي الذي دفع بالتلاميذ للخروج إلى الشارع هو كثافة البرنامج، فهل يعقل أن يحتج التلاميذ على البرنامج القانوني والأساسي في المدرسة ويتناسوا “تلك الساعات الإضافية” التي يقضونها في مستودعات الدروس الخصوصية لدرجة أن بعض التلاميذ يعودون إلى بيوتهم في ساعات متأخرة من الليل؟ هنا جوهر القضية، فقد كان الأولى بالتلاميذ أن يحتجوا على “بخل بعض الأساتذة” وشح المعلومات التي يقدمونها في المؤسسات العمومية لإجبار التلاميذ على اللجوء للدروس الخصوصية؟ وكان الأولى بالتلاميذ أن يحتجوا على “تلك الأساليب الاحتيالية التي يتبناها بعض الأساتذة” على غرار اختيار التمارين التي يتم حلها في الدروس الخصوصية كمواضيع فروض و اختبارات، لا بد وأن التلاميذ قد تفطنوا إلى كل هذا، لكنهم وبدل أن يحتجوا ضد الأساتذة الذين أجبروهم على “اللجوء للدروس الخصوصية” بمكرهم وحيلتهم وبالتالي “إجبارهم على الدراسة” خارج المؤسسة العمومية لساعات إضافية، راحوا يحتجون على الساعات القانونية التي لو لا “الدروس الخصوصية” لما استشعر التلاميذ “كثافة البرنامج”، وهذا ما ارتأينا تسميته باحتجاجات خارج الصندوق، أي أن هناك من وجه التلاميذ لاحتجاجات خارج “المعقول”.
سمير بوخنوفة