
يعد قطاع التربية من أكبر القطاعات وأوسعها وأكثرها تشعبا من حيث تنوع الرتب والتصنيفات وعدد المستخدمين به والمنتمين له، والأثقلها مسؤولية ما جعل منه قطاعا حساسا تكثر به الشكاوى والانشغالات سواء من حيث الحقوق المهضومة أو الواجبات المهملة، الأمر الذي وضعه في مهب الانتقادات والتهجمات كما تم تحميل جزء كبير من مسؤولية صناعة الأجيال على عاتقه فتحول إلى “القطاع القاعدة”.
ومنذ صدور مشروع القانون الأساسي الذي ترقبه مستخدمو القطاع ثلاث سنوات طويلة وثقيلة؛ زادت الشكاوى أكثر وكثر النقاش والصراع داخل مؤسساته وبين مستخدميه الذين اعتبروا الكثير من مخرجاته ظلما في حقهم، بل زاد الأمر سوءا بعد أن تراشقت عديد الأطراف وتبادلت التهم لينظر كل طرف إلى الآخر بأنه الأكثر حظا؛ حتى وصلت إلى اتفاق وإلى خلاصة أن التربويين لم ولن يتفقوا؟؟
فالاختلاف الذي خلفته الرتب والمهام المختلفة والمسؤوليات المتشعبة والمتداخلة بين عدة أطراف صنع الاختلاف في وجهات النظر، وكذا الاختلاف في تقسيم الواجبات ومن ثم الظفر والمطالبة بالحقوق، وهو أمر بديهي ومحتمل الحدوث دائما ومنذ تحويل المؤسسة التربوية إلى المربي الأساسي وشبه الوحيد في المجتمع، لكنه تحول إلى صراع معقد بين مستخدمي القطاع.
كما لعب أمر الازدواجية في إدارة المدارس خاصة الابتدائية منها دورا أساسيا في توسيع دائرة الاختلاف، وتعقيد شبكة المهام التي انقسمت بين مصالح البلدية المكلفة بالهياكل والإطعام ومصالح مديرية التربية المكلفة بالمستخدمين والبيداغوجيا والتعليم والتربية، فتداخلت المصالح مع تداخل المهام واحتكاك المستخدمين.
زيادة على ذلك فقد لعب النشاط النقابي دوره الكبير في توسيع حلقة “اللااتفاق” وحرك عجلة الصراع بشكل واضح وجلي، إذ بتعدد النقابات وتنوعها وتخصصها تعددت المطالب وتنوعت وتخصصت وصارت أكثر تداخلا وتعقيدا، لتنتهي بعض الواجبات عند بعض الحقوق والعكس صحيح فيفيض كأس التفاني في العمل وينظر كل مستخدم على أنه المظلوم والمحروم داخل سلسلة المهام المنوطة بالمدرسة، خاصة أن بعض النشاطات النقابية صارت أشبه بالحملات الانتخابية فتميل إلى خدمة أصحابها أكثر من المنخرطين بها، وكلما زاد العدد زاد العتب.
نوارة بوبير