
في كتابه العزيز، قال الله سبحانه وتعالى في الآية 41 من سورة العنكبوت “مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون”، وبحسب التفسير القديم والتقليدي لهذه الآية، فإن الله سبحانه وتعالى قد ضرب المثل ببيت العنكبوت في الوهن لأن بيت العنكبوت لا يقي من حر، ولا من برد بسبب طبيعة الخيوط الهشة التي تتقطع بسهولة كبيرة، غير أن المفسرين حديثا قد اكتشفوا بأن هناك أمرا آخر له علاقة بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم، حيث إن أنثى العنكبوت هي من تبني بيتا وليس الذكر، ثم بعد بناء البيت، تأكل الأنثى الذكر إن لم يهرب، وبعد أن يفقس البيض، تأكل العناكب الصغيرة بعضها، وبعد أن تكبر العناكب الناجية، تأكل أمها، ولهذا فإن قوله سبحانه وتعالى إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت مرده “للتفكك الأسري، وللشقاق الداخلي، وللعقوق”، أي أن بيت العنكبوت مضرب مثل في الوهن والهوان بسبب ما تعانيه أسرة العناكب الواحدة أخلاقيا واجتماعيا وماديا.
ونحن نرى ونشاهد ما يحدث في سائر بلاد المسلمين عامة، وفي فلسطين على وجه الخصوص وفي غزة تحديدا، نتساءل كيف لشرذمة من الصهاينة أن تطغى بهذه الطريقة ولهذه الدرجة فلا تجد من ملياري مسلم، ومن قرابة نصف مليار من اخوانهم العرب من يرد أذاها ويكبح جموحها وطغيانها ويكسر جبروتها؟ لكننا نعود ونقول بأن الإجابة واضحة جدا، فطيلة عقود، كان الصهاينة ومن يدعمهم يفكرون، ويخططون، فيعملون ويخطئون فيتعلمون ويصححون ثم يجتهدون، فينجحون، وفي هذا الوقت، كان العرب والمسلمون يتواكلون، فيتكاسلون ويتخاذلون، ثم يتسلطون ويتجبرون فيبغي بعضهم على بعض ويقتتلون، ثم يولي بعضهم أعداء الله على بعض حتى هانوا وأصاب أمة “الإسلام” الوهن والهوان، ذلك لأن أعداء الله قد ضربوا الأسرة “المسلمة”، ففككوها، وأحدثوا بها شقاقا فانشق أفرادها عن بعض، ثم ألبوا المجتمعات العربية والإسلامية على “الدين وعلى القيم والمبادئ” فأصبحت الأمة العربية والإسلامية أوهن الأمم كبيت العنكبوت أوهن البيوت، ولهذا، فإن ما يحدث اليوم لهو نتيجة حتمية لحرب “أبدية” طرف فيها يفكر ويخطط ويعمل ويفرض “القدر”، وطرفها الآخر يترقب ويتواكل ويتخاذل و”ينتظر ليلة القدر”.
سمير بوخنوفة