ألعاب الجيل الذهبي أسلم نفسيا للأطفال من الألعاب الرقمية
ألعاب شعبية للأطفال محتها التكنولوجيا وأنصفها النفسانيون
بعد دخول التكنولوجيا إلى تفاصيل حياتنا اليومية أخذت شيئا فشيئا تنزع عن ثقافة مجتمعنا ثوبه القديم وتبدله ثياب غيرها، يراها الجيل الجديد أنها حتمية التغير ومواكبة التطور في حين يحن أبناء الأجيال الأقدم والذين يطلق عليهم في العامية الجيل الذهبي لنوستالجية تلك الأيام.
ويبدوا أن التغير شمل كل شيء في الوقت الحالي حتى بات الحديث عن التربية يعتمد مصطلح التربية الحديثة والتي بدورها باتت تحذر الأولياء من خطر بعض أدوات التكنولوجيا وأبرز الأخطار يكمن في الهواتف والألواح الرقمية التي تحتوي على عديد الألعاب الإلكترونية، في هذا الصدد يوصي مختلف الأخصائيين بالألعاب التي يتمكن فيها الطفل من اكتشاف مختلف الحواس ليعود بذلك الحديث عن أوقات الزمن الجميل وأبرز الألعاب التي اختفت أو في طريقها نحو الإختفاء والتي كانت تلعب في شوارع وأحياء كل البلديات الجزائرية.
ولعل أبرز هذه الألعاب هي لعبة “الكيني” وهي لعبة تعتمد على وجود طفلين يحملان عصا إضافة إلى لوح صغير في الأرض يرفع ويضرب بواسطة العصى وهي قريبة حدا من لعبة التنس الشهيرة ولكنها لا تشبهها كثير ويستهدم فيها الألواح بدل الكرات والمضارب، كما تعود الأطفال خصوصا الذكور منهم على لعب ألعاب حركية وبما أن كرة القدم كانت ولا تزال محبوبة الجزائريين فإن لعبة “بتي بوا” كانت الأكثر انتشارا في أواسط الجيل الذهبي والتي تلعب في فريقين مكوننين من اثنين مقابل اثنين فأكثر حسب التعداد المتاح ولا يشترط فيها التماثل العددي للفريقين كما لا تحوتي على حارس مرمى وتعد مرمامها صغيرة ففي العادة تقاس بالأرجل ولا تتجاوز الخطوة كما أن الأهداف بها تحتسب فقط ان كانت أرضية زاحفة، ولا يجود في الأغلب حكم ولا تماس ولا قانون تسلل، كما أن نقص العدد الذي يؤرق الأطفال أناذاك عندما لا يخرج اقرانهم للعب معهم بالكرة مثلا جعلهم يلجؤون لحلول مبتكرة كلعبة “قول آ فيراج” والتي تلعب بواسطة حارس مرمى واحد له مرمى مرسوم على جدار أحد منازل الحي أو في حدود مرآب من المرائب المتواجدة بالشارع ويلعب بلاعبين يتنفاسان للتسجيل في ذات المرمى، كما اخترع هذا الجيل لعبة “بيبليد” التي كان يستخدم فيها خيطا ورأس علبة مضاد الحشرات والمنبثقة من الرسوم المتحركة الشهيرة بذات الإسم، إضافة إلى لعبة “الكاركب” التي تعتبر واحدة من أشهر الألعاب والتي تعتمد كريات زجاجية صغيرة، كما تميزت الأجواء الماطرة في ولاية باتنة بلعبة يحبها الأطفال الذكور وهي “المرشايق” وهو حديد يضرب بقوة بتقنية مسك الرمح في الأرحل الطينية الموحلة في مربعات ويجب أن لا يسقط القضيب الحديد أثناء ارتطامه بالأرض، ناهيك عن لعبة “الغميضة” الشهرية وكذا لعبة “عسكر ولصوص”، كما استخدم الأطفال أيضا لعبة “الرولمة” وهي عربى يصنعها الأطفال بأيديهم ويجلسون عليها ويتجولون بها بدفع بعضهم بعضا.
من جانبهم كان للبنات ألعابهم الخاصة “كالكرود” وهي لعبة تعتمد على بضع صخرات كما لعبة البنات لعبة العرائس و”لامارين” التي كانت ترسم في الأرض ويقفز عليها، ولعبة “لاستيك” التي تأتي فيها بنات بوضع خيط استيكي حول أرجلهن والقفز به وغناء أغاني خاصة بكل لعبة، كما تميزت العاب الجيل الذهبي الخاصة بالإناث بكثرة الأغاني فيها والتي تسمد بعضها من أغاني الأعراس وبعضها من أغاني أطفال، كما لعبت البنات والذكور عى حد سواء لعبة “الخاتم” وهي لعبة يوضع فيها خاتم أو قطعة نقدية في أحد اليدين ويشترك على الشخص الثاني معرفة أي اليدين تحمل القطعة، وغيرها الكثير والكثير.
وفي جلسات التسامر كانت طفولة الجيل الذهبي تعتمد على لعبة الأحاجي أو قص بعض القصص المورثة غالبا من التراث الأمازيغي الشاوي كقصص نانا الغولة.
جل هذه الألعاب اختفت في جيل اليوم ولم يبقى منها سوى بعض الألعاب التي تكتسي نمطا دوليا ومتواجدة في معظم دول العالم، ليحل محلها ألعاب رقمية وتكنولوجية على الألواح الرقمية وشاشات الهاتف، وفي هذا الصدد استضافت “الأوراس نيوز” الأستاذ وأخصائي نفساني عيادي ممارس على مستوى مركز المساعدة النفسية الجامعي بجامعة باتنة عقبة بوقرن ليبين في مداخلته الفرق الكبير بين الالعاب الكلاسيكية والرقمية بالنسبة للطفل.
الأستاذ والأخصائي نفساني عيادي ممارس على مستوى مركز المساعدة النفسية الجامعي بجامعة باتنة 1 “عقبة بوقرن”:
الألعاب التقليدية هي الأسلم نفسيا للطفل
يعتبر اللعب بالنسبة للطفل نشاطا مميزا للتنفيس الانفعالي والتعبير عن رغباته وتنمية قدراته العقلية وتحسين مهاراته الحسية؛ سواء في اللعب الفردي كتنمية الخيال في عمر الرابعة بعد دخوله مرحلة التمركز حول الذات أو مع الأقران أين ينمي قدرته على التواصل أو الوالدين كتنمية المهارات الجسدية عند اللعب مع الأب وتشبع عاطفي من خلال اللعب مع أمه ففي هذه الحالات كل نوع له دوره في نمو ذلك الطفل؛ كما يعتبر اللعب أداة مهمة لتشخيص الاضطرابات النفسية بالنسبة للاخصائي النفساني في مرحلة الطفولة؛ والملاحظ في وقتنا الراهن أن نمط اللعب بالنسبة للطفل قد تغير؛ حيث كان الطفل في وقت سابق يميل إلى الألعاب الجماعية (كالغميضة والجري وبناء نموذج للادوار الاجتماعية من خلال اللعب( العشة) لامارينبالنسةللاناث؛ الخروج إلى الطبيعة واللعب بالطين مثلا) إذ تساعد هذه الالعاب على تنمية الجانب الحس-حركي بالنسبة للطفل وتحكمه في جسده وتقوية جهاز المناعة لديه وتبني الدور الاجتماعي الصحيح للذكر والانثى؛ والقدرة على مواجهة المشكلات وحلها؛ فكانت الاحصائيات لا تدق ناقوس الخطر من حيث انتشار الاضطرابات النفسية والسلوكية بالنسبة للطفل والمراهق وهذا لا ينفي وجودها؛ لكن اليوم ومع التطور التكنولوجي نجد انتشارا واسعا للكثير من الاضطرابات خاصة النفسية والسلوكية بداية من استغلال الهاتف للعب مثلا وتأثيره على الجهاز العصبي للطفل في سن الثانية ما يؤدي إلى اختلال الوظائف النفسية والعقلية؛وضعف النمو الحس حركي وعدم التآزر البصري الحركي نتيجة لاعتلال مناطق في الدماغ كما أن العالم الافتراضي الذي خلقته التكنولوجيا في اللعب سببت انفصال الطفل عن واقعه وبالتالي نجد في حالات كثيرة ان الطفل لم يعد يفصل بين الواقع والخيال مما يؤدي إلى اضطراب حكمه على الأشياء واضطرابات نفسية اكثر تعقيدا؛ ونمط اللعب حاليا يجعل من الطفل في طريقه للعزلة الاجتماعية وعدم الاحتكاك بالأقران كذلك فتتجسد النتيجة في اضطراب العلاقة مع الوالدية ونقص النضج الانفعالي وعدم القدرة على تنمية الجوانب المعرفية للشخصية لانعدام الخبرة.
رضوان غضبان