
ألبوم الحرب على غزة وعلاماته نجح في تنوير الرأي العام بحقيقتها
عبر مؤلفه "خطاب الصورة: بحث سيميائي في أنساق العلامة".. الدكتور "بشير إبرير" يؤكد:
ساقته مشهدية الأحداث في حرب الإبادة على غزة وما صاحبها من جرائم إلى الغوص سيميائيا -كأحد الأطر البحثية التي أبدع فيها طيلة مساره الأكاديمي-، في قراءة الصور التي صاحبت الحرب واستنطاق خطابها الزخم بدلالات كاشفة للخبايا المتستر عنها، أين عمد الدكتور “بشير إبرير” وعبر مؤلفه الأكاديمي “خطاب الصورة: بحث سيميائي في أنساق العلامة” الصادر مؤخرا عن دار “ومضة للنشر والطباعة والتوزيع”إلى دراسة الحرب على غزة من زاوية منهجية معرفية،حيث صوّب ابن ولاية المسيلة وأستاذ التعليم العالي بجامعة باجي مختار بعنابة، على “ألبوم الأهوال ومستنقعات الدم في الحرب على غزة” وجعلها أنموذجا للدراسة، ليعزز المختص في اللغة واللسانيات بهذا الإصدار قائمة مؤلفاته الـ13 الأكاديمية، والتي صاحبها ما يبلغ الـ60 مقالا منشورا في المجلات العربية والوطنية، فيما يملك عضو المجمع الجزائري للغة العربية سيرة علمية ثرية خدمة للعلم والأدب، رصعها برئاسة لجنة المخطوطات وإحياء التراث بذات المجمع، وترؤس عدة مشاريع بحثية، عدا عن مساهماته بمقالات في اللغة والأدب والثقافة العامة في عدة جرائد وطنية وغيرها من المناصب الأكاديمية والفنية العليا التي تقلدها ولا يزال على المستويين العربي والوطني والتي تخفيها بل وتتماشى مع بساطة الأستاذ إبرير وعفويته وكذا دقته التي مكنته من التحري السيميائي الأخير لألبوم الصور وتحليل خطاب علاماتها لكشف عنصرية الحضارة الغربية وهمجيتها،وفضح كونها صانعة للإرهاب وماحِقة لكل ما يتعارض مع ميكيافيليتها.
حوار: رحمة مدور ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل “خطاب الصورة” مؤلف أكاديمي بحت؟
الكتاب أكاديمي، حاول أن يدرس الحرب على غزة من منظور منهجي ومعرفي جديد، أين نظر إلى الحرب بوصفها علامة سيميائية كبرى تتألف من علامات جزئية صغرى دالة في نسقها السيميائي العام والخاص، فكل ما فيها علامة؛ الطائرات والمسيرات والدبابات والصواريخ والضحايا والدماء والدمار والغبار والأشخاص….واللغة،كلها علامات يعبر عنها خطاب واحد هو:خطاب الصورة بمختلف أنواعها؛الثابتة والمرئية والمباشرة في نشرات الأخبار والتحقيقات المختلفة،والكاريكاتيرية وغيرها،فالصورة هي أهم العلامات،وقد عبرت في هذه الحرب عن الموضوع بكفاءة عالية،وتميزت بخطاب استراتيجي دال كاشف للمستور الخفي،فاضح له من جوانب عديدة في التاريخ والسياسة والاقتصاد والثقافة والإعلام…
على ماذا تم التركيز فيه؟
تم التركيز في هذا الكتاب على ما يمكن أن تقدمه الصورة من فائدة،وما تؤديه من وظيفة في نقل المعلومة الصحيحة إلى الرأي العام العالمي وتنويره بالحقيقة اللازمة وما لذلك من تأثير في قلب الموازين وكشف المستور.
وقد تناول الكتاب فصولا خمسة، تحدث أولها عن الحرب بوصفها حقيقة تاريخية وظاهرة اجتماعية، وتحدث ثانيها عن الصورة ومفهوم خطاب الصورة من الناحية السيميائية وأثرها في بلاغة الوصف والتعبير والنقل للمعاني والدلالات والحقائق للمتلقي عبر العالم. وتحدث ثالثها عن فاعلية خطاب الصورة من خلال نموذج تحليلي من صور عديدة تم اختيارها من هذه الحرب. فيما تناول رابعها أبعاد الحرب على غزة،العسكرية والأخلاقية والسياسية والإعلامية والدينية والنفسية.وقد تم استثمار المعرفية السيميائية في كل هذا،من الناحية الأهوائية والبصرية والوسائطية والثقافية. أما خامسها فقد تحدث عن البعد الثقافي الحضاري الجامع لكل هذه الأبعاد.
ما المقصود دكتور بـ “قراءة سيميائية أهوائية”؟
هي ما يظهر في الملامح دالا على ما يُسِره الشخص، مثلا:عندما يتكلم نتن ياهو أو غالانت أو بلينكن أو بايدن يظهر على ملامحهم ما يدل على الحقد والكراهية والبغضاء والشيطنة والكذب والرعب…ويتجلى ذلك في ما مارسوه من إرهاب ودمار.إنهم الجبان الذي يملك السلاح.
من هم المعنيين به؟
الكتاب موجه للقارئ المتابع المنشغل بهذه الحرب القذرة،وكذا الباحث في مجال الإعلام وعلوم الاتصال واللغة والسيميائيات،وكذا القارئ العام.
صدوره كان في وقت حساس ومثالي خاصة مع ما شهدته حرب الإبادة على غزة من تصعيد وجرائم نكراء، هل كان ذلك دافعا لتأليفك للكتاب؟
نعم كان ذلك بالفعل دافعا لي لكتابة هذا الكتاب، فقد صدر في وقت حساس ومثالي بالنظر إلى ما شهدته الحرب على غزة من تصعيد وجرائم غير مسبوقة، لذا أراه مهما وأرجو أن يجد قراءه.
وما الذي توصلت إليه دكتور من خلال هذا البحث؟
لعل المقام يكون قد فرض علي بعض التشاؤم؛ أين خلصت في نهاية الكتاب إلى أن الحضارة الغربية حضارة همجية وحشية عنصرية مرعبة، وبخاصة إذا ما تعلق الأمر بالحضارة العربية الإسلامية.إنها حضارة صانعة للإرهاب ومصدرة له وراعية إياه.وأنها دمرت كثيرا من المفاهيم مثل:حقوق الإنسان والحرية والعدالة والمساواة،والأخلاق.وأنها وسيلة للدمار والمحو والمحق والقضاء على الأخر كلما تعارض مع مصالحها أو ميكيافيليتها، وليست أبدا حضارة للسلم والسلام والبناء والحياة.
هل من عمل جديد لحضرتك في الأفق؟
نعم.شرعت في عمل جديد بالمجمع الجزائري للغة العربية مع أعضاء منه في لجنة المخطوطات وإحياء التراث التي أرأسها، ويتعلق هذا المشروع بمعجم عن اللسانيات والتراث اللغوي العربي .
بالعودة إلى موضوع الإصدار؛ ختمت المؤلَّف بعبارة مؤثرة “لقد كان لغزة الله ثم خطاب الصورة”، فما الدور الذي لعبته الأخيرة خاصة في الجانب الإعلامي؟
نعم لقد كان لغزة الله ثم خطاب الصورة.لأنها لعبت دورا بالغا ومؤثرا في الكشف عن الجرائم والمآسي وممارسات إسرائيل، وكذا سردياتها الكاذبة وتضليل الرأي العام العالمي. ولو لا الصورة ما عرفنا كثيرا من الحقائق.
يعمد الكثير من المختصين في كثير من الأحيان إلى تحليل الصورة وخطابها في الوقت الذي تكون في حد ذاتها مدلولا قويا، فأيهما -وفقا لمنظورك- أكثر دلالة باعتبار الصورة دالا أو مدلولا، خاصة مع التوجه التكنو-تقني نحو أتمتة عدة مجالات معرفية واجتماعية… في نسق تسارعي نحو الإيجاز؟
الصورة دليل في حد ذاتها، وكل صورة إلا ولها خطاب تبلغه ومقصد تعبر عنه،وبخاصة إذا ارتبطت بمقام يقتضيها وسياق اجتماعي ولحظة خطابية تخصها، كما في الصورة التي صاحبت الحرب على غزة؛ فهي صورة وخطاب في الوقت نفسه .