
أكد موقع “فوت ميركاتو” يوم أمس أن مغناس أكليوش لاعب نادي موناكو يتجه بخطى ثابتة لتمثيل المنتخب الفرنسي في أقرب وقت ممكن، وهو الأمر الذي ذكرته صحيفة “ليكيب” ذائعة الصيب في فرنسا قبل فترة، حيث أوضحت أن ذو الأصول الجزائرية لا يُفكر إلا في “الديكة” وأن مسألة تغيير الجنسية الرياضية هو أمر غير مطروح بالنسبة إليه على الإطلاق، وكان أكليوش قد أثار قبل أسابيع ضجة كبيرة جدا في الإعلام الفرنسي، وتحديدا بعدما سجل ثنائية في مرمى بريست، حيث تعالت الأصوات الضاغطة على ديديي ديشان مدرب “الزُرق” لأجل استدعائه في التربص المقبل شهر مارس لقطع الطريق بشكل كامل أمام المنتخب الجزائري الذي يواصل سعيه لأجل إقناع كل اللاعبين البارزين القادرين على تمثيل “الخضر”، وفي مقدمتهم أكليوش وريان شرقي، ورغم هذه الأخبار، إلا أن بعض الإعلاميين الجزائريين يعتقدون أن الأمر لا يزيد عن كونه ضغوطا على اللاعب ومدرب فرنسا معا، لأجل إغلاق هذا الملف وتوجيه الأنظار نحو أسماء أخرى من شأنها الارتباط بالمنتخب الوطني مستقبلا.
قصة سفر بيتكوفيتش للقائه كانت من وحي الخيال
وكانت أخبار سابقة في الجزائر قد أكدت أن فلاديمير بيتكوفيتش مدرب المنتخب الوطني سيسافر رفقة وليد صادي وزير الرياضة الجزائري إلى فرنسا من أجل لقاء مغناس أكليوش والحديث حول مستقبله الدولي وفكرته حول اللعب مع الجزائر من عدمها، وهي الأخبار لا أساس لها من الصحة ولا يُمكن تصديقها بأي شكل من الأشكال للعديد من الأسباب، وحتما فإن صادي وبيتكوفيتش لم يتحركا للقاء اللاعب منذ انتشار تلك الأخبار وإلى الآن ما يجعلها دون شك مُجرد تخيلات إعلامية لصنع الحدث، سيما أن السفر إليه سيعتبر خطوة سلبية وسيئة للغاية وتؤثر بشكل عام على صورة وقيمة “الخضر” ولا يُمكن اعتبارها خُطوة “براغماتية” الهدف من ورائها إقناع لاعب مُحترف في سن الـ 22 من العمر باللعب مع الجزائر، لأن الوقائع مطروحة أمامه وإن أراد اللعب لـ”الخضر” فمن الواضح أنه لن ينتظر تدليله لأجل القيام بذلك، بل إن بيتكوفيتش يضعه على غرار العديد من المغتربين الجاهزين لتمثيل المنتخب الأول تحت الضغط وسيجبرهم على تحديد خيارهم قبل حلول موعد كأس أمم إفريقيا المُقررة في المغرب.
المُنتخب يملك لاعبين أحق بالاهتمام حاليا
وتؤكد المستجدات الأخيرة الصادرة من فرنسا أن ملف أكليوش يجب أن يُطوى في الوقت الراهن، إذ من الأفضل التركيز على دخول غمار التصفيات المؤهلة لكأس العالم بداية من مارس المقبل بقوة وبالعناصر المتاحة، وأيضا العمل على إقناع ريان شرقي بتحديد موقفه في أقرب وقت ممكن، بدلا من السعي الدائم وراء لاعب تشير كل الأنباء الحالية أنه يريد تمثيل فرنسا، أو على الأقل المشاركة في كأس أوروبا للشباب بعد أشهر وبعدها التفكير في مستقبله مع الأكابر، وفي كل الحالات سيكون التركيز عليه والسعي الدائم وراءه أمرا لا يخدم الأجواء الداخلية للمنتخب، بما أن اللاعب ينشط في مركز يشهد منافسة قوية جدا بتواجد كل من رياض محرز، أنيس حاج موسى وبدر الدين بوعناني، ومحاولة جلب لاعب آخر لا يُمكن اعتباره موهبة نادرة بقدر شرقي مثلا سيترك انطباعا سيئا لدى اللاعبين المُتاحين حاليا وهو ما لن يخدم المنتخب الجزائري في المباريات المهمة مستقبلا، بما أن الأسماء المتواجدة حاليا تحت قيادة فلاديمير بيتكوفيتش قد تشعر بأن مكانتها مهددة وأنها قد تُقدم كل شيء لأجل المساهمة في التأهل إلى المونديال ثُم يُحجز المكان للاعب آخر لا يزال حتى الآن يعتبر نفسه فرنسيا.
والده يريد الجزائر لكنه لا يملك القرار النهائي
وعكس السردية الفرنسية، يتحدث القائلين بإمكانية انضمام أكليوش إلى المنتخب الجزائري حول رغبة والده رشيد أكليوش بذلك واتصالات كثيرة بينه وبين “الفاف”، وهو الكلام الذي يُفند من جهة سفر بيتكوفيتش للقاء مغناس لأن الحديث مع والده كوسيط مُقرب يكفي ويُعفي من فكرة السفر، وأيضا لأن رغبة الوالد أو محيط اللاعب لا يُمكن بأي حال من الأحوال اعتبارها كمؤشر حول رغبة اللاعب، فالعديد من اللاعبين ذو الأصول الجزائرية قد تعرضوا لضغوط كبيرة من عائلاتهم لأجل تمثيل الجزائر، غير أن قراراتهم كانت عكس ذلك تماما في صورة نبيل فقير لاعب المنتخب الفرنسي وأيضا ياسين عدلي الذي أقر برغبته في تمثيل “الديكة” وأن ارتباطه الكبير بالجزائر وخاصة ارتباط عائلته هو أمر بعيد عن الرياضة ولا يُمكن أن يؤثر على مسيرته الاحترافية، للإشارة فإن أكليوش أكد قبل فترة أن ديديي ديشان لم يتصل به ورفض بالمناسبة الحديث عن المُنتخب الفرنسي ولا عن رغبته في اللعب لمنتخب آخر، رغم أن الفرصة كانت سانحة جدا للتأكيد للإعلام الفرنسي أن رغبته تتمثل في اللعب للجزائر مستقبلا أو العكس وبذلك سيُنهي كل الجدل والأحاديث المُحيطة بهذا الملف، وإن دل هذا على شيء فإنما يدُل بكل وضوح على رغبة أكليوش في كسب المزيد من الوقت ودراسة الوضع من كل جوانبه قبل تحديد خياره الدولي.
الضغط الإعلامي على ديشان يتزايد قبل مارس
ويأتِ خبر “فوت ميركاتو” وقبله “ليكيب” في إطار لعبة الضغط الكبيرة التي يُمارسها الإعلام الفرنسي على ديديي ديشان من أجل استدعاء أكليوش في مارس المقبل إن واصل اللعب بنفس المستوى، ويرى الإعلاميون هناك أن خسارة لاعبين في مثل مستوى أكليوش وشرقي هو أمر غير مُبرر وأنه تكرار للعديد من الأخطاء التي تسببت في خسارة لاعبين شباب كان يُمكن الاستفادة منهم ولو لفترات مُعينة، ولأن الإعلام الفرنسي يُفكر بطريقة “نفعية” لـ “الديكة” ولا يُهمه إن كان أكليوش وشرقي مُعرضان للحرمان من مسيرة دولية كبيرة وأنهما قد يكتفيان بالظهور لمباريات قليلة فقط إن اختارا فرنسا، فإن المعنيان يجب أن يُفكرا بنفس الطريقة وأن يدرسا جيدا مستقبلهما “ما بعد الاختيار النهائي”، لأن اللعب للجزائر سيضمن لهم دون شك فرصا أكبر بكثير للمشاركة في كأس العالم المقبلة والتي تليها إن واصلا تقديم مستوياتهما الكبيرة، أما اختيار اللعب لأحد أكبر المُنتخبات العالمية وسط مُنافسة رهيبة جدا بين لاعبين ذوي جودة عالية فسيكون دون شك خيارا فيه الكثير من المخاطرة والتحدي.
م. بلقاسم