هناك تعليق انتشر قبل سنوات لوفد رسمي من الخليج العربي لا أذكر تمثيله لأي دولة لكون الدقة في هذا السياق غير مطلوبة، في أثناء قيام السلطات الجزائرية بتنسيق رحلة تعريفية إلى عديد الأماكن المختلفة في العاصمة لينبهر حينها ذاك الوفد بالعمارة القديمة ومدى صمودها وبهائها شامخة لأجيال تجذب كل سائح أو زائر وعبروا عن إعجابهم وبكونهم لم يعلموا أن الجزائر ذات نهج معماري متميز ومنفرد فقيل لهم أن بعض هذه البنايات تم تشييدها في العهد العثماني وبعضها في عهد الاستعمار الفرنسي ـ للأسف ـ فقالوا لا بأس أرونا إذن ما شيدتموه بعد هذه الحقبة التاريخية من بنى تحتية وعمارات ومؤسسات فلم يجدوا سوى النصب التذكاري لمقام الشهيد حيث لم يكن قد تم بناء المسجد الأعظم الذي يحتل اليوم مكانته المرموقة في تصنيف العمارة الحديثة للدولة الجزائرية منفردا، فعلق الوفد بكونهم مصدومين لكوننا كدولة “عظيمة” نفتقر إلى عمارة أصيلة وأصالة العمارة ذات الطابع المحلي فكل ما هو منتشر بيوت عادية وعمارات غاية في القبح ومؤسسات لا تحمل من روح الجزائر سوى موقعها الجغرافي..
وقد انتشرت عمارة “العلب” دون إضفاء أي لمسات جمالية وفنية نعيش فيها اليوم ويتوارثها من بعدنا أبناؤنا والأجيال من بعدهم، إذ أنه من المفارقات المطروحة هو هذا الانعدام المُطلق لمؤسسات وبيوت ذات طابع معماري متميز وجذاب وحتى غالبية المساجد اتخذت بالتقريب ذات اللمسة والتقاسيم العادية، لتتساوى المنازل الباهتة غير المُبهرة والجذابة بل بالعكس هناك إصرار من طرف المهندسين والمقاولين على نشر الرداءة من خلال مشاريع لا تبعث على شيء من التنوع الهندسي والتميز لنعيش فترة طويلة دون “هوية معمارية” وذلك بتوحيد الطابع الرديء والمنتشر دون فرض رقابات صارمة بهذا الشأن الذي لم يحظى بحقه المطلوب بينما نصاب بالدهشة في بقية دول العالم التي تركز على فرض طابعها المعماري في أهم بناياتها ومرافقها ومؤسساتها..
ولا يمكن أن تبقى مدننا الجزائرية شاحبة مُفرغة من أي طابع جمالي وعمارة وعلينا أن نتوجه إلى فرض الموروث الثقافي مع الانفتاح على ما تتطلبه الحداثة والتجديد من لمسات ترسخ جزائرية العمارة وامتداداتها عبر العصور وأصالتنا كدولة عريقة تستحق ما هو أفضل حالا مما هي عليه.
سماح خميلي