
هو أسامة بن زيد وكان يسمى “حِبّ رسول الله “، ولد رضي الله عنه بمكة سنة 7 قبل الهجرة، ونشأ حتى أدرك ولم يعرف إلا الإسلام لله تعالى ولم يدن بغيره، وهاجر مع رسول الله إلى المدينة، وكان رسول الله يحبه حبا شديدا، وكان عنده كبعض أهله.
في العام السادس من بعثة النبي وُلد لأمّ أيمن أسامة بن زيد رضي الله عنه، فنشأ وتربى رضي الله عنه في أحضان الإسلام، ولم تنل منه الجاهلية بوثنيتها ورجسها شيئا، وكان رضي الله عنه قريبا جدا من بيت النبوة، وملازما دائما للنبي صلى الله عليه وسلم؛ ففي مسند الإمام أحمد عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: كنت رديف رسول الله (أي كان يركب خلفه) بعرفات، فرفع يديه يدعو، فمالت به ناقته فسقط خطامها، قال: فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى ، ومن ثَم كان تأثره شديدا برسول الله ، وكان النبي يحبه حبا شديدا؛ ففي البخاري بسنده عن أسامة بن زيد رضي الله عنه حدَّث عن النبي أنه كان يأخذه والحسن رضي الله عنه فيقول: «اللهم أحبهما؛ فإني أحبهما».
بل وكان النبي يأمر بحبِّ أسامة بن زيد رضي الله عنه؛ فعن عائشة – رضي الله عنها- قالت: لا ينبغي لأحد أن يبغض أسامة بعد ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” من كان يحب الله ورسوله فليحب أسامة ” وكان نقش خاتم أسامة بن زيد رضي الله عنه: (حِبّ رسول الله )، وقد زوجه النبي وهو ابن خمس عشرة سنة.
ولاه النبي – على صغر سنه – قيادة جيش المسلمين المتوجه لغزو الروم في الشام، وقال له: ” يا أسامة، سر على اسم الله وبركته حتى تنتهي إلى مقتل أبيك، فأوطئهم الخيل، فقد وليتك على هذا الجيش، فأغر صباحا على أهل أُبْنى وحرق عليهم، وأسرع السير تسبق الخبر، فإن أظفرك الله فأقلل اللبث فيهم، وخذ معك الأدلاء، وقدم العيون أمامك والطلائع “.
ثم عقد الرسول لأسامة اللواء، ثم قال: ” امض على اسم الله ” وقد اعترض بعض الصحابة على استعمال هذا الغلام على المهاجرين الأولين، ولما علم رسول الله بذلك، غضب غضبا شديدا، فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ” أما بعد، يا أيها الناس، فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة بن زيد؟ والله لئن طعنتم في إمارتي أسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله، وأيم الله إن كان للإمارة لخليقا، وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إليَّ، وإن هذا لمن أحب الناس إليَّ، وإنهما لمخيلان لكل خير، فاستوصوا به خيرا؛ فإنه من خياركم “.
وقبل الخروج مع أسامة جاء المسلمون يودعون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بإنفاذ بعث أسامة رضي الله عنه وركب أسامة إلى معسكره وصاح في الناس أصحابه باللحوق بالعسكر، فانتهى إلى معسكره ونزل وأمر الناس بالرحيل وقد مَتَعَ النهار، فبينا أسامة يريد أن يركب من الجُرْف أتاه رسول أم أيمن – وهي أمه – تخبره أن رسول الله يموت عليه أفضل الصلاة والسلام، فأقبل أسامة إلى المدينة معه عمر وأبو عبيدة بن الجراح – رضي الله عنهما- فانتهوا إلى رسول الله وهو يموت، فتوفي رسول الله حين زاغت الشمس يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول، ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجُرْف المدينة.
اعتزل أسامة بن زيد رضي الله عنه الفتن بعد مقتل عثمان رضي الله عنه وتوفي بالمدينة.