
شاعت الزنا وشاعت معها الجريمة التي هدت أواصل المجتمع وزعزعت عقيدته وضربت بالأخلاق والقيم وتعاليم الدين عرض الحائط، فنكلت بالشرف شر تنكيل وبعده نكلت “بلحم الإنسان” الذي صار يمثل أرخص اللحوم بعد أن احتضنته الشوارع والطرقات وحاويات القمامة ونهشته القطط والكلاب، وقبل ذلك احتوته الملاهي والحانات وأوكار الدعارة وأماكن “خلاء” غُلِّقت فيها الأبواب.
فنحن هنا لا نتحدث عن غارة إسرائيلية غادرة ضربت عزلا وقتلت بينهم أطفالا ذنبهم أنهم ولدوا في مكان يعاني الحرب، ولا نحلل وضع البراءة في الحروب وقضايا الإجرام في حقها من طرف الشعوب، أو نوجه الأنظار لتلك العيون البريئة التي ترقبت الصبح ولم تبلغه وانتظرت حلول العيد ولم تستمتع به بعد أن حرمت من الألعاب والملابس الجميلة الجديدة والحلوى الملونة…
فنحن هنا لنفتح صفحة مطوية منذ زمن وطال السكوت عنها، وحتى الكلام في حقها جاء شحيحا سريعا غير منصف حتى لا يكون الثمن مكلفا، ونذكر بما حدث ويحدث ويتم تناقله على صفحات المواقع ثم ينسى ويطوى من جديد في الواقع؛ كحدث عابر أو خبر يتم تمريره بمجرد غلق المنابر دون النظر في حقيقة الوضع وسد المعابر، ونتحدث عن تلك الأجساد البريئة التي تبنتها الأرض وشهدت على ظلمها السماء.
أطفال يولدون ويرمون في أكياس القمامة كقطعة من لحم رخيص وبطريقة لا تمت للإنسانية ولا للبشرية بصلة، لتغطي فاحشة وذنبا عظيما فتخلف جريمة شنعاء لا يتقبلها العقل ولا القلب لبشاعتها ولأن المجرم هنا “الأم” التي أنجبت فتخلت” والأب الذي تنكر وتملص من مسؤوليته بحجة “نزوة عابرة”، في مجتمع يقال عنه أنه “مسلم” صار الذنب أعظم وأظلم وأشد ألما.
فذلك الجسد الصغير الذي حولته القلوب الميتة إلى قطعة لحم رخيص لم يكن ليولد أو يوجد لولا رخص لحم من أنجبته ورمت به للطرقات فأرخصته، ليتكرر الحدث لأكثر من مرة وفي أكثر من مكان فيدفع بذوي العقول فعلا إلى معالجة الوضع بجدية أكثر، إما من حيث تحليل الأسباب والنتائج أو تشديد الردع، لما للقضية من أثر ووقع.
نوارة بوبير