إسلاميات

أثر العبادات في حياة المسلم ومقاصدها

قال تعالى: “وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ “سورة الأنعام الآية 79

ترجع أهمية معرفة مقاصد العبادات؛ حتى تؤدى كما ينبغي، تدفع الغفلة والتغافل، والمسارعة إلى الخيرات، وطرد الشيطان ووسوسته، والقيام بشكر الله كثيرًا، ويعلم أن للعبادات أثرها في حياة الإنسان المسلم.

فمن الملاحظ أن هناك مقاصد عامة مشتركة في جميع العبادات، ومن هذه المقاصد:

 

1 – اشتراط النية

فجميع العبادات تؤدى بهذا المقصد، لا يجوز التوجه والعبادة إلا إلى الله وحده، ” وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ” [الأنعام: 79]، ولا عمل بدون نية؛ فهو لا يصلي إلا لله، ولا يزكي إلا لله، ولا يصوم إلا لله، ولا يحج إلا لله، وإن فعل غير ذلك لا يقبل منه هذا العمل؛ ” فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ” [الكهف: 110]، ويقول صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى”.

2 – ربط العباد بالله سبحانه

فنجد أن العبادات كلها تربط الإنسان بالله في توجهه وحياته، وأدائها؛ فهو يصلي – على الأقل – كل يوم خمس مرات، ويؤدي زكاة ماله، ويصوم على الأقل شهرا كل عام، ويحج إن استطاع، وكل ذلك يجعل الإنسان ذاكرا لربه، مرتبطا به جل وعلا.

3 – استشعار العباد بالافتقار الدائم إلى الله: ليراقبوه فيحققوا العبودية؛ فدائما يستشعر العباد وهم يؤدون عبادتهم أنهم مفتقرون إلى الله، وهل قبلت أعمالهم فيحمدون الله، أم ردت عليهم وهذا يحقق مقصد العبودية الخالصة لله عز وجل.

4 – التخفيف ورفع الحرج: فمن نعم الله علينا أن جعل التخفيف ورفع الحرج من مقاصد العبادات؛ قال سبحانه: ” يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ” [النساء: 28].

ففي الصلاة: إذا سافر الإنسان قصر في صلاته الرباعية وجمع، وإذا كان مريضًا، أو مطر ونحوه، يجوز له الجمع بين الصلوات، وفي الزكاة: لا تجب الزكاة إلا إذا بلغت النصاب وجاء وقت أدائها، وفي الصوم: جواز الإفطار للمريض والمسافر، وفي الحج: جعل على المستطيع ” وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ” [آل عمران: 97].

5 – تهذيب وتطهير وتصحيح للنفوس: فالعبادات تهذب النفس، وتطهرها، وتصحح النفوس؛ ففي الصلاة: ” إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ” [العنكبوت: 45]، وفي الزكاة: ” خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ” [التوبة: 103].

وفي الصيام: قوله صلى الله عليه وسلم: “مَن لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة أن يدَعَ طعامه وشرابه”.

وفي الحج: ” الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ” [البقرة: 197].

6 – الحث على وحدة الأمة: وذلك بالحث على أداء العبادات جماعة، ورفع الله شأن القيام بها جماعة، ففي الصلاة: شرعت الصلاة جماعة، وفي الصيام: يصومون شهرًا واحدًا، وهو رمضان، في وقت واحد، ويفطرون في وقت واحد، وفي الزكاة: يقف الأغنياء بجانب الفقراء، فيحصل تكافل وتعاون، وفي الحج: في وقت واحد، ومناسك واحدة، وزي واحد.

7 – تأكيد مبدأ المساواة: وهذا ما أكده الإسلام من خلال العبادات التي فرضها الله سبحانه، ففي الصلاة: افترضت على جميع الناس، ويقفون صفًّا واحدًا، وفي الصيام: كل الناس يصومون، وفي الزكاة: كل من بلغ النصاب يزكي، وفي الحج بمناسك واحدة، وزي واحد.

 

مقاصد الصلاة

ومقاصد الصلاة أظهر الله سبحانه بعضها، واستنبط العلماء جزءا منها، ولا زال الكثير من مقاصدها لم يظهر حتى الآن، وقد ألف الحكيم الترمذي في القرن الثالث كتابا سماه: مقاصد الصلاة وأسرارها، ومن أهم مقاصد الصلاة:

1- تحقيق عبودية الله: ” وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ” [طه: 14].

2- الخشوع: ” قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ” [المؤمنون: 1، 2].

3- التذلُّل لله: من قيام وركوع، وسجود ودعاء، وهذا أسمى مراتب العبودية لله سبحانه ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” [الحج: 77].

4- تهذيب السلوك؛ قال تعالى: ” وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ” [العنكبوت: 45].

5- نظام الألفة بين المصلين: ولذلك شرعت المساجد في المحال؛ ليحصل التعاهد باللقاء في أوقات الصلاة بين الجيران.

6- التعليم: حيث يتعلم الجاهل من العالم ما يجهله من أحكام الصلاة.

7- محو الذنوب والخطايا: عن عثمان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيُحسن وضوءها وخشوعها وركوعها، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب، ما لم يؤتَ كبيرة، وذلك الدهرَ كلَّه”.

8- تعلم الصبر على الشدائد: ” يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ” [المزمل: 1 – 5].

9- تجلب طمأنينة النفس: عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “حُبِّبَ إليَّ النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة” ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه قال: “أرِحْنا بالصلاة يا بلال”.

عبد العزيز رجب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.